أهل السنة والجماعة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
أهل السنة والجماعة

موقع أهل السنة والجماعة ومذاهبهم الفقهية والعقائدية والرد على من خالفهم

  نرحب بكم بمنتدى أهل السنة والجماعة ، نرجو منكم الإنضمام إلى هذا المنتدى المبارك ، هدفنا من هذا المنتدى النصيحة لأنفسنا ولغيرنا ولسائر المسلمين وغير المسلمين بالحكمة والموعظة الحسنة ، الدين النصيحة لله ورسوله وأئمة المسلمين وعامتهم .

    عقيدة إمام أهل السنة أبي الحسن الأشعري (المتوفى سنة 324هـ)

    وليد79
    وليد79


    عدد المساهمات : 54
    تاريخ التسجيل : 21/08/2009

    عقيدة إمام أهل السنة أبي الحسن الأشعري (المتوفى سنة 324هـ) Empty عقيدة إمام أهل السنة أبي الحسن الأشعري (المتوفى سنة 324هـ)

    مُساهمة  وليد79 الإثنين أكتوبر 05, 2009 8:15 am

    عقيدة الإمام أهل السنة أبي الحسن الأشعري (المتوفى سنة 324هـ)

    قال ناصر السنة حجة الحفاظ مؤرخ الشام أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله ابن عساكر الدمشقي المتوفى سنة 571 في كتابه "تبيين كذب المفترى فيما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري"ص157:

    باب ما وصف من مجانبته لأهل البدع وجهاده وذكر ما عرف من نصيحته للأمة وصحة اعتقاده


    أخبرنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي بنيسابور قال سمعت الأستاذ أبا القسم عبد الملك بن هوازن القشيري يقول سمعت الاستاذ الشهيد أبا علي الحسن بن علي الدقاق رحمه الله يقول سمعت أبا علي زاهر بن أحمد الفقيه رحمه الله يقول مات أبو الحسن الأشعري رحمه الله ورأسه في حجري وكان يقول شيئا في حال نزعه من داخل حلقه فأدنيت إليه رأسي وأصغيت إلى ما كان يقرع سمعي فكان يقول لعن الله المعتزلة موهوا ومخرقوا, سمعت الشيخين أبا محمد عبد الجبار ابن أحمد بن محمد البيهقي الفقيه وأبا القسم زاهر بن طاهر المعدل بنيسابور يقولان سمعنا الشيخ أبا بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي يقول سمعت أبا حازم عمر بن أحمد العبدوي الحافظ يقول سمعت أبا علي زاهر بن أحمد السرخسي يقول لما قرب حضور أجل أبي الحسن الأشعري رحمه الله في داري ببغداد دعاني فأتيته فقال اشهد على أني لا أكفر أحدا من أهل هذه القبلة لأن الكل يشيرون إلى معبود واحد وإنما هذا كله اختلاف العبارات, كتب إلي الشيخ أبو القسم نصر بن نصر الواعظ يخبرني عن القاضي أبي المعالي بن عبد الملك وذكر أبا الحسن الأشعري فقال نضر الله وجهه وقدس روحه فإنه نظر في كتب المعتزلة والجهمية والرافضة وإنهم عطلوا وأبطلوا فقالوا لا علم لله ولا قدرة ولا سمع ولا بصر ولا حياة ولا بقاء ولا إرادة وقالت الحشوية والمجسمة والمكيفة المحددة أن لله علما كالعلوم وقدرة كالقدر وسمعا كالأسماع وبصرا كالأبصار فسلك رضي الله عنه طريقة بينهما فقال إن لله سبحانه وتعالى علما لا كالعلوم وقدرة لا كالقدر وسمعا لا كالأسماع وبصرا لا كالأبصار وكذلك قال جهم بن صفوان العبد لا يقدر على إحداث شيء ولا على كسب شيء وقالت المعتزلة هو قادر على الإحداث والكسب معا فسلك رضي الله عنه طريقة بينهما فقال العبد لا يقدر على الإحداث ويقدر على الكسب ونفى قدرة الإحداث وأثبت قدرة الكسب, وكذلك قالت الحشوية المشبهة أن الله سبحانه وتعالى يرى مكيّفا محدودا كسائر المرئيات وقالت المعتزلة والجهمية والنجارية إنه سبحانه لا يرى بحال من الأحوال فسلك رضي الله عنه طريقة بينهما فقال يرى من غير حلول ولا حدود ولا تكييف كما يرانا هو سبحانه وتعالى وهو غير محدود ولا مكيف فكذلك نراه وهو غير محدود ولا مكيف, وكذلك قالت النجارية ان الباري سبحانه بكل مكان من غير حلول ولا جهة وقالت الحشوية والمجسمة إنه سبحانه حال في العرش وأن العرش مكان له وهو جالس عليه فسلك طريقة بينهما فقال كان ولا مكان فخلق العرش والكرسي ولم يحتج إلى مكان وهو بعد خلق المكان كما كان قبل خلقه, وقالت المعتزلة له يد يد قدرة ونعمة ووجهه وجه وجود وقالت الحشوية يده يد جارحة ووجهه وجه صورة فسلك رضي الله عنه طريقة بينهما فقال يده يد صفة ووجهه وجه صفة كالسمع والبصر, وكذلك قالت المعتزلة النزول نزول بعض آياته وملائكته والإستواء بمعنى الإستيلاء وقالت المشبهة والحشوية النزول نزول ذاته بحركة وانتقال من مكان إلى مكان والإستواء جلوس على العرش وحلول فيه فسلك رضي الله عنه طريقة بينهما فقال النزول صفة من صفاته والإستواء صفة من صفاته وفعل فعله في العرش يسمى الاستواء, وكذلك قالت المعتزلة كلام الله مخلوق مخترع مبتدع وقالت الحشوية المجسمة الحروف المقطعة والأجسام التي يكتب عليها والألوان التي يكتب بها وما بين الدفتين كلها قديمة أزلية فسلك رضي الله عنه طريقة بينهما فقال القرآن كلام الله قديم غير مغير ولا مخلوق ولا حادث ولا مبتدع فأما الحروف المقطعة والأجسام والألوان والأصوات والمحدودات وكل ما في العالم من المكيفات مخلوق مبتدع مخترع, وكذلك قالت المعتزلة والجهمية والنجارية الإيمان مخلوق على الإطلاق وقالت الحشوية المجسمة الإيمان قديم على الإطلاق فسلك رضي الله عنه طريقة بينهما وقال الإيمان إيمانان إيمان لله فهو قديم لقوله المؤمن المهيمن وإيمان للخلق فهو مخلوق لأنه منهم يبدو وهم مثابون على إخلاصه معاقبون على شكه, وكذلك قالت المرجئة من أخلص لله سبحانه وتعالى مرة في إيمانه لا يكفر بارتداد ولا كفر ولا يكتب عليه كبيرة قط وقالت المعتزلة إن صاحب الكبيرة مع إيمانه وطاعاته ماية سنة لا يخرج من النار قط فسلك رضي الله عنه طريقة بينهما وقال المؤمن الموحد الفاسق هو في مشيئة الله تعالى إن شاء عفا عنه وأدخله الجنة وإن شاء عاقبه بفسقه ثم أدخله الجنة فأما عقوبة متصلة مؤبدة فلا يجازى بها كبيرة منفصلة منقطعة, وكذلك قالت الرافضة أن للرسول صلوات الله عليه وسلامه ولعلي عليه السلام شفاعة من غير أمر الله تعالى ولا إذنه حتى لو شفعا في الكفار قبلت وقالت المعتزلة لا شفاعة له بحال فسلك رضي الله عنه طريقة بينهما فقال بأن للرسول صلوات الله عليه وسلامه شفاعة مقبولة في المؤمنين المستحقين للعقوبة يشفع لهم بأمر الله تعالى وإذنه ولا يشفع إلا لمن ارتضى, وكذلك قالت الخوارج بكفر عثمان وعلي رضي الله عنهما ونص هو رضي الله عنه على موالاتهما وتفضيل المقدم على المؤخر, وكذلك قالت المعتزلة إن أمير المؤمنين معاوية وطلحة والزبير وأم المؤمنين عائشة وكل من تبعهم رضي الله عنهم على الخطأ ولو شهدوا كلهم بحبة واحدة لم تقبل شهادتهم وقالت الرافضة إن هؤلاء كلهم كفار ارتدوا بعد إسلامهم وبعضهم لم يسلموا وقالت الأموية لا يجوز الخطأ بحال فسلك رضي الله عنه طريقة بينهم وقال كل مجتهد مصيب وكلهم على الحق وإنهم لم يختلفوا في الأصول وإنما اختلفوا في الفروع فأدى اجتهاد كل واحد منهم إلى شيء فهو مصيب وله الأجر والثواب على ذلك إلى غير ذلك من أصول يكثر تعدادها وتذكارها وهذه الطرق التي سلكها لم يسلكها شهوة وإرادة ولم يحدثها بدعة واستحسانا ولكنه أثبتها ببراهين عقلية مخبورة وأدلة شرعية مسبورة وأعلام هادية إلى الحق وحجج داعية إلى الصواب والصدق هي الطرق إلى الله سبحانه وتعالى والسبيل إلى النجاة والفوز من تمسك بها فاز ونجا ومن حاد عنها ضل وغوى.
    فإذا كان أبو الحسن رضي الله عنه كما ذكر عنه من حسن الإعتقاد مستوصب المذهب عند أهل المعرفة بالعلم والانتقاد يوافقه في اكثر ما يذهب إليه أكابر العباد ولا يقدح في معتقده غير أهل الجهل والعناد فلا بد أن نحكي عنه معتقده على وجهه بالأمانة ونجتنب ان نزيد فيه أو ننقص منه تركا للخيانة ليعلم حقيقة حاله في صحة عقيدته في أصول الديانة فاسمع ما ذكره في أول كتابه الذي سماه بالإبانة فإنه قال:

    "الحمد لله الأحد الواحد العزيز الماجد المتفرد بالتوحيد المتمجد بالتمجيد الذي لا تبلغه صفات العبيد وليس له مثل ولا نديد وهو المبدىء المعيد جل عن اتخاذ الصاحبة والأبناء وتقدس عن ملامسة النساء فليست له عزة تنال ولا حد تضرب له فيه الأمثال لم يزل بصفاته أولا قديرا ولا يزال عالما خبيرا سبق الأشياء علمه ونفذت فيها إرادته فلم تعزب عنه خفيات الأمور ولم تغيره سوالف صروف الدهور ولم يلحقه في خلق شيء مما خلق كلال ولا تعب ولا مسه لغوب ولا نصب خلق الأشياء بقدرته ودبرها بمشيئته وقهرها بجبروته وذللها بعزته فذل لعظمته المتكبرون واستكان لعظم ربوبيته المتعظمون وانقطع دون الرسوخ في علمه الممترون وذلت له الرقاب وحارت في ملكوته فطن ذوي الألباب وقامت بكلمته السموات السبع واستقرت الأرض المهاد وثبتت الجبال الرواسي وجرت الرياح اللواقح وسار في جو السماء السحاب وقامت على حدودها البحار وهو إله قاهر يخضع له المتعززون ويخشع له المترفعون ويدين طوعا وكرها له العالمون نحمده كما حمد نفسه وكما ربنا له أهل ونستعينه إستعانة من فوض أمره إليه وأقر أنه لا ملجأ ولا منجى منه إلا إليه ونستغفره إستغفار مقر بذنبه معترف بخطيئته ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارا بوحدانيته وإخلاصا لربوبيته وإنه العالم بما تبطنه الضمائر وتنطوي عليه السرائر وما تخفيه النفوس وما تخزن البحار وما تواري الأسرار وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار لا توارى منه كلمة ولا تغيب عنه غائبة وما تسقط من ورقة من شجرة ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين ويعلم ما يعمل العاملون وإلى أين ينقلب المنقلبون ونستهدي الله بالهدى ونسأله التوفيق لمجانبة الردى ونشهد أن محمدا عبده ونبيه ورسوله إلى خلقه وأمينه على وحيه أرسله بالنور الساطع والسراج اللامع والحجج الظاهرة والبراهين الزاهرة والأعاجيب القاهرة فبلغ عن الله رسالاته ونصح له في برياته وجاهد في الله حق الجهاد ونصح له في البلاد وقابل أهل العناد حتى تمت كلمة الله وظهر أمره وإنقاد الناس للحق أجمعين حتى أتاه اليقين لا وانيا ولا مقصرا فصلوات الله عليه من قائد إلى الهدى ومبين عن ضلالة وعمى وعلى أهل بيته الطيبين وعلى أصحابه المنتجبين وعلى أزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين صلوات الله على من أظهر الشرائع والأحكام والحلال والحرام وبين لنا به شريعة الإسلام حتى انجلت به عنا طخياء الظلام وانحسرت به عنا الشبهات وانكشفت به عنا الغيابات وظهرت لنا به البينات جاءنا بكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد جمع فيه علم الأولين والآخرين وأكمل به الفرائض والدين وهو صراط الله المستقيم وحبله المتين من تمسك به نجا ومن خالفه ضل وغوى وحثّنا في كتابه على التمسك بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فقال (ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)وقال(فليحذر الذين يخالفون عن أمره)وقال(ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم)وقال (وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله)يقول إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم قال (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى)وقال(قل ما يكون لي من أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي)وقال(إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إن يقولوا سمعنا وأطعنا) وأمرهم أن يسمعوا قوله ويطيعوا أمره وقال(أطيعوا الله وأطيعوا الرسول) فأمرهم بطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أمرهم بطاعته ودعاهم إلى التمسك بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم كما أمرهم بالعمل بكتابه فنبذ كثير ممن غلبت عليه شقوته واستحوذت عليه بليته سنة نبي الله صلى الله عليه وسلم وراء ظهورهم ومالوا إلى أسلافهم وقلدوهم دينهم ودانوا بديانتهم وأبطلوا سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورفضوها وأنكروها وجحدوا افتراءً منهم على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين وأوصيكم عباد الله بتقوى الله وأحذركم الدنيا فإنها حلوة خضرة تغر أهلها وتخدع سكانها قال الله عزوجل (وأضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا) إن امرأ لم يكن منها في حيرة إلا أعقبته بعدها عبرة لم يلق من سرائها بطنا إلا منحته من ضرائها ظهورا غرارة غرور ما فيها فانية فان من عليها كما حكم عليها ربها بقوله (كل من عليها فان)فاعملوا رحمكم الله للحياة الدائمة ولخلود الأبد فإن الدنيا تنقضي عن اهلها وتبقى الأعمال قلائد في رقاب أهلها واعلموا إنكم ميتون ثم إنكم من بعد موتكم إلى ربكم تصيرون ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى وكونوا بطاعة ربكم عاملين وعما نهاكم عنه منتهين أما بعد فإن كثيرا من المعتزلة وأهل القدر مالت بهم أهواؤهم إلى التقليد لرؤسائهم ومن مضى من أسلافهم فتأولوا القرآن على أرائهم تأويلا لم ينزل الله به سلطانا ولا أوضح به برهانا ولا نقلوه عن رسول رب العالمين ولا عن السلف المتقدمين فخالفوا رواية الصحابة عن نبي الله صلى الله عليه وسلم في رؤية الله بالأبصار وقد جاءت في ذلك الروايات من الجهات المختلفات وتواترت بها الآثار وتتابعت بها الأخبار وأنكروا شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وردوا الرواية في ذلك عن السلف المتقدمين وجحدوا عذاب القبر وان الكفار في قبورهم يعذبون وقد أجمع على ذلك الصحابة والتابعون ودانوا بخلق القرآن نظيرا لقول إخوانهم من المشركين الذين قالوا إن هذا إلا قول البشر فزعموا أن القرآن كقول البشر وأثبتوا وأيقنوا ان العباد يخلقون الشر نظيرا لقول المجوس الذين يثبتون خالقين احدهما يخلق الخير والآخر يخلق الشر وزعمت القدرية ان الله تعالى يخلق الخير وأن الشيطان يخلق الشر وزعموا ان الله عزوجل يشاء ما لا يكون ويكون ما لا يشاء خلافا لما أجمع عليه المسلمون من ان ما شاء الله كان وما لا يشاء لا يكون وردا لقول الله (وما تشاءون إلا أن يشاء الله) فأخبر انا لا نشاء شيئا إلا وقد شاء أن نشاءه ولقوله (ولو شاء الله ما اقتتلوا) ولقوله (ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها) ولقوله تعالى (فعال لما يريد) ولقوله مخبرا عن شعيب انه قال (وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا) ولهذا سماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مجوس هذه الأمة لأنهم دانوا بديانة المجوس وضاهوا أقوالهم وزعموا أن للخير والشر خالقين كما زعمت المجوس وإنه يكون من الشر مالا يشاء اهمو كما قالت المجوس ذلك وزعموا أنهم يملكون الضر والنفع لأنفسهم ردا لقول الله تعالى (قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله)وانحرافا عن القرآن وعما اجمع المسلمون عليه وزعموا أنهم ينفردون بالقدرة على أعمالهم دون ربهم وأثبتوا لأنفسهم غنى عن الله عزوجل ووصفوا أنفسهم بالقدرة على ما لم يصفوا الله بالقدرة عليه كما أثبت المجوس للشيطان من القدرة على الشر ما لم يثبتوه لله عزوجل فكانوا مجوس هذه الأمة إذ دانوا بديانة المجوس وتمسكوا بأقوالهم ومالوا إلى أضاليلهم وقنطوا الناس من رحمة الله وآيسوهم روحه وحكموا على العصاة بالنار والخلود خلافا لقول الله تعالى (ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء)وزعموا أن من دخل النار لا يخرج منها خلافا لما جاءت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله عزوجل يخرج من النار قوما بعد ما امتحشوا فيها وصاروا حمما, ودفعوا أن يكون لله وجه مع قوله (ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) وانكروا أن يكون لله يدان مع قوله (لما خلقت بيدي) وأنكروا أن يكون له عين مع قوله (تجري بأعيننا) ولقوله (ولتصنع على عيني) ونفوا ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله (إن الله ينزل إلى سماء الدنيا) وأنا ذاكر ذلك أن شاء الله بابا بابا وبه المعونة والتأييد ومنه التوفيق والتسديد فإن قال قائل قد أنكرتم قول المعتزلة والقدرية والجهمية والحرورية والرافضة والمرجئة فعرفونا قولكم الذي به تقولون وديانتكم التي بها تدينون قيل له قولنا الذي به نقول وديانتنا التي ندين بها التمسك بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وما روي عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث ونحن بذلك معتصمون وبما كان عليه أحمد بن حنبل نضر الله وجهه ورفع درجته وأجزل مثوبته قائلون ولمن خالف قوله قوله مجانبون لأنه الإمام الفاضل والرئيس الكامل الذي أبان الله به الحق عند ظهور الضلال وأوضح به المنهاج وقمع به بدع المبتدعين وزيغ الزائغين وشك الشاكين فرحمة الله عليه من إمام مقدم وكبير مفهم وعلى جميع أئمة المسلمين وجملة قولنا أن نقر بالله وملائكته وكتبه ورسله وما جاء من عند الله وما رواه الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نرد من ذلك شيئا وأن الله إله واحد صمد لا إله غيره لم يتخذ صاحبة ولا ولدا وأن محمدا عبده ورسوله وأن الجنة والنار حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور وأن الله استوى على عرشه كما قال (الرحمن على العرش استوى) وأن له وجها كما قال (ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) وأن له يدا كما قال (بل يداه مبسوطتان) وقال (لما خلقت بيدي) وان له عينا بلا كيف كما قال (تجري بأعيننا) وأن من زعم أن اسم الله غيره كان ضالا وان لله علما كما قال (أنزله بعلمه) وقوله (وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه) ونثبت لله قدرة كما قال (أو لم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة) ونثبت لله السمع والبصر ولا ننفي ذلك كما نفته المعتزلة والجهمية والخوارج ونقول أن كلام الله غير مخلوق وإنه لم يخلق شيئا إلا وقد قال له كن فيكون كما قال (إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون)وإنه لا يكون في الأرض شيء من خير وشر إلا ما شاء الله وإن الأشياء تكون بمشيئة الله وان أحدا لا يستطيع أن يفعل شيئا قبل أن يفعله الله ولا نستغني عن الله ولا نقدر على الخروج من علم الله وإنه لا خالق إلا الله وإن أعمال العبادة مخلوقة لله مقدورة له كما قال (والله خلقكم وما تعملون)وإن العباد لا يقدرون أن يخلقوا شيئا وهم يخلقون كما قال (هل من خالق غير الله) وكما قال (لا يخلقون شيئا وهم يخلقون) وكما قال (أفمن يخلق كمن لا يخلق)وكما قال (أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون)وهذا في كتاب الله كثير وأن الله وفق المؤمنين لطاعته ولطف بهم ونظر لهم وأصلحهم وهداهم وأضل الكافرين ولم يهدهم ولم يلطف بهم بالإيمان كما زعم أهل الزيغ والطغيان ولو لطف بهم وأصلحهم كانوا صالحين ولو هداهم كانوا مهتدين كما قال تبارك وتعالى (من يهدي الله فهو المهتد ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون)وأن الله يقدر أن يصلح الكافرين ويلطف لهم حتى يكونوا مؤمنين ولكنه أراد أن يكونوا كافرين كما علم وأنه خذلهم وطبع على قلوبهم وأن الخير والشر بقضاء الله وقدره وأنا نؤمن بقضاء الله وقدره خيره وشره وحلوه ومره ونعلم أن ما أصابنا لم يكن ليخطئنا وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا وأنا لا نملك لأنفسنا نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله وإنا نلجيء أمورنا إلى الله ونثبت الحاجة والفقر في كل وقت إليه ونقول إن القرآن كلام الله غير مخلوق وإن من قال بخلق القرآن كان كافرا وندين أن الله يرى بالأبصار يوم القيامة كما يرى القمر ليلة البدر يراه المؤمنون كما جاءت الروايات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ونقول ان الكافرين إذا رآه المؤمنون عنه محجوبون كما قال الله عز وجل (كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) وإن موسى سأل الله الرؤية في الدنيا وأن الله تجلى للجبل فجعله دكا وأعلم بذلك موسى إنه لا يراه في الدنيا ونرى أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب يرتكبه كالزنا والسرق وشرب الخمر كما دانت بذلك الخوارج وزعموا أنهم بذلك كافرون ونقول أن من عمل كبيرة من الكبائر وما أشبهها مستحلا لها كان كافرا إذا كان غير عتقد تحريمها ونقول أن الإسلام أوسع من الإيمان وليس كل الإسلام بإيمان وندين بأنه قلب القلوب وأن القلوب بين اصبعين من أصابعه وندين بأن لا ننزل أحدا من الموحدين المستمسكين بالإيمان جنة و لا نارا إلا من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة ونرجو الجنة للمذنبين ونخاف عليهم أن يكونوا بالنار معذبين ونقول ان الله يخرج من النار قوما بعدما امتحشوا بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم ونؤمن بعذاب القبر ونقول أن الحوض والميزان حق, والصراط حق, والبعث بعد الموت حق, وأن الله يوقف العباد بالموقف ويحاسب المؤمنين وأن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص ونسلم للروايات الصحيحة في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي رواها الثقات عدل عن عدل حتى تنتهي الرواية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وندين بحب السلف الذين اختارهم لصحبة نبيه, ونثني عليهم بما أثنى الله عليهم ونتولاهم ونقول إن الإمام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر رضي الله عنه وأن الله تعالى أعز به الدين وأظهره على المرتدين وقدمه المسلمون للإمامة كما قدمه رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة ثم عمر بن الخطاب رضي الله عنه ثم عثمان نضر الله وجهه قتله قاتلوه ظلما وعدوانا ثم علي بن أبي طالب رضي الله عنه فهؤلاء الأئمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلافتهم خلافة النبوة. ونشهد للعشرة بالجنة الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ونتولى سائر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ونكف عما شجر بينهم وندين الله أن الأئمة الأربعة راشدون مهديون فضلاء لا يوازيهم في الفضل غيرهم, ونصدق بجميع الروايات التي ثبتها أهل النقل من النزول إلى السماء الدنيا وأن الرب يقول (هل من سائل هل من مستغفر) وسائر ما نقلوه وأثبتوه خلافا لما قاله أهل الزيغ والتضليل ونعول فيما اختلفنا فيه على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وإجماع المسلمين وما كان في معناه, ولا نبتدع في دين الله بدعة لم يأذن الله بها ولا نقول على الله ما لا نعلم ونقول أن الله تعالى يجيء يوم القيامة كما قال (وجاء ربك والملك صفا صفا) وأن الله تعالى يقرب من عباده كيف يشاء كما قال (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) وكما قال (ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى) ومن ديننا أن نصلي الجمعة والأعياد خلف كل بر وفاجر وكذلك شروط الصلوات الجماعات كما روي عن عبد الله بن عمر إنه كان يصلي خلف الحجاج وأن المسح على الخفين في الحضر والسفر خلافا لمن أنكر ذلك ونرى الدعاء لأئمة المسلمين بالصلاح والإقرار بإمامتهم وتضليل من رأى الخروج عليهم إذا ظهر منهم ترك الإستقامة, وندين بترك الخروج عليهم بالسيف وترك القتال في الفتنة, ونقر بخروج الدجال كما جاءت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, ونؤمن بعذاب القبر ومنكر ونكير ومساءلتهم المدفونين في قبورهم, ونصدق بحديث المعراج ونصحح كثيرا من الرؤيا في المنام ونقول أن لذلك تفسيرا ونرى الصدقة عن موتى المؤمنين والدعاء لهم ونؤمن أن الله ينفعهم بذلك ونصدق بأن في الدنيا سحرا وأن السحر كائن موجود في الدنيا وندين بالصلاة على من مات من أهل القبلة مؤمنهم وفاجرهم ومواريثهم ونقر أن الجنة والنار مخلوقتان وأن من مات أو قتل فبأجله مات أو قتل وان الأرزاق من قبل الله عزوجل يرزقها عباده حلالا وحراما وأن الشيطان يوسوس للإنسان ويشككه ويخبطه خلافا لقول المعتزلة والجهمية كما قال الله عزوجل (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس) وكما قال (من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس) ونقول أن الصالحين يجوز أن يخصهم الله بآيات ويظهرها عليهم, وقولنا في أطفال المشركين أن الله عزوجل يؤجج لهم نارا في الآخرة ثم يقول اقتحموها كما جاءت الرواية بذلك, وندين بأن الله تعالى يعلم ما العباد عاملون وإلى ما هم صائرون وما يكون وما لايكون أن لو كان كيف يكون فبطاعة الأئمة ونصيحة المسلمين, ونرى مفارقة كل داعية لبدعة ومجانبة أهل الأهواء وسنحتج لما ذكرناه من قولنا وما بقى منه وما لم نذكره بابا بابا وشيئا شيئا."

    فتأملوا رحمكم الله هذا الاعتقاد ما أوضحه وأبينه, واعترفوا بفضل هذا الإمام العالم الذي شرحه وبينه, وانظروا سهولة لفظه فما أفصحه وأحسنه وكونوا ممن قال الله فيهم (الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه)وتبينوا فضل أبي الحسن وأعرفوا انصافه واسمعوا وصفه لأحمد بالفضل واعترافه لتعلموا أنهما كانا في الاعتقاد متفقين وفي أصول الدين ومذهب السنة غير مفترقين, ولم تزل الحنابلة ببغداد في قديم الدهر على ممر الأوقات تعتضد بالأشعرية على أصحاب البدع لأنهم المتكلمون من أهل الإثبات فمن تكلم منهم في الرد على مبتدع فبلسان الأشعرية يتكلم ومن حقق منهم في الأصول في مسألة فمنهم يتعلم, فلم يزالوا كذلك حتى حدث الاختلاف في زمن أبي نصر القشيري ووزارة النظام ووقع بينهم الانحراف من بعضهم عن بعض لانحلال النظام و على الجملة فلم يزل في الحنابلة طائفة تغلو في السنة و تدخل فيما لا يعنيها حبا للخفوف في الفتنة و لا عار على أحمد رحمه اه من صنيعهم و ليس يتفق على ذلك رأى جميعهم..... انتهى

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مارس 28, 2024 11:21 pm