أهل السنة والجماعة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
أهل السنة والجماعة

موقع أهل السنة والجماعة ومذاهبهم الفقهية والعقائدية والرد على من خالفهم

  نرحب بكم بمنتدى أهل السنة والجماعة ، نرجو منكم الإنضمام إلى هذا المنتدى المبارك ، هدفنا من هذا المنتدى النصيحة لأنفسنا ولغيرنا ولسائر المسلمين وغير المسلمين بالحكمة والموعظة الحسنة ، الدين النصيحة لله ورسوله وأئمة المسلمين وعامتهم .

    (( الشهب الشاذلية على الأسئلة الوهابية )) للأستاذ / حسام دمشقي . (4) ( منقول )

    avatar
    حجة الحق


    عدد المساهمات : 51
    تاريخ التسجيل : 17/01/2010

    (( الشهب الشاذلية على الأسئلة الوهابية )) للأستاذ / حسام دمشقي . (4) ( منقول ) Empty (( الشهب الشاذلية على الأسئلة الوهابية )) للأستاذ / حسام دمشقي . (4) ( منقول )

    مُساهمة  حجة الحق الإثنين يناير 18, 2010 6:47 am

    قال الشيخ عبد القادر عيسى في كتابه حقائق عن التصوف:
    الحلول والاتحاد:

    إِن من أهم ما يتحامل به المغرضون على السادة الصوفية اتهامهم جهلاً وزوراً بأنهم يقولون بالحلول والاتحاد، بمعنى أن الله سبحانه وتعالى قد حلَّ في جميع أجزاء الكون ؛ في البحار والجبال والصخور والأشجار والإِنسان والحيوان.. إِلخ، أو بمعنى أن المخلوق عين الخالق، فكل الموجودات المحسوسة والمشاهدة في هذا الكون هي ذات الله تعالى وعينه. تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.

    ولاشك أن هذا القول كفر صريح يخالف عقائد الأمة. وما كان للصوفية وهم المتحققون بالإِسلام والإِيمان والإِحسان أن ينزلقوا إِلى هذا الدرك من الضلال والكفر، وما ينبغي لمؤمن منصف أن يرميهم بهذا الكفر جزافاً دون تمحيص أو تثبت، ومن غير أن يفهم مرادهم، ويطلع على عقائدهم الحقة التي ذكروها صريحة واضحة في أُمهات كتبهم، كالفتوحات المكية، وإِحياء علوم الدين، والرسالة القشيرية وغيرها..

    ولعل بعض المغرضين المتحاملين على الصوفية يقولون: إِن هذا القول بتبرئة السادة الصوفية من فكرة الحلول والاتحاد، إِنما هو تهرب من الواقع أو دفاع مغرض عن الصوفية بدافع التعصب والهوى، فهلاَّ تأتون بدليل من كلامهم يبرىء ساحتهم من هذه التهم ؟!.

    فلبيان الحقيقة الناصعة نورد نبذاً من كلام السادة الصوفية تثبت براءتَهم مما اتُّهموا به من القول بالحلول والاتحاد، وتحذيرَهم الناسَ من الوقوع في هذه العقيدة الزائغة، وتُظهِر بوضوح أن ما نسب إِليهم من أقوال تفيد الحلول أو الاتحاد إِما مدسوسة عليهم، أو مؤولة [انظر موضوعي الدس ص 398 والتأويل ص 415 في هذا الكتاب] بما يلائم هذه النصوص الصريحة التالية الموافقة لعقيدة أهل السنة والجماعة.

    يقول الشعراني رحمه الله تعالى: (ولعمري إِذا كان عُبَّاد الأوثان لم يتجرؤوا على أن يجعلوا آلهتهم عين الله ؛ بل قالوا: ما نعبدهم إِلا ليقربونا إِلى الله زلفى، فكيف يُظَن بأولياء الله تعالى أنهم يدَّعون الاتحاد بالحق على حدٌّ ما تتعقله العقول الضعيفة ؟! هذا كالمحال في حقهم رضي الله تعالى عنهم، إِذ ما مِن وليٌّ إِلا وهو يعلم أن حقيقته تعالى مخالفة لسائر الحقائق، وأنها خارجة عن جميع معلومات الخلائق، لأن الله بكل شيء محيط) [اليواقيت والجواهر ج1 ص83]

    والحلول والاتحاد لا يكون إِلا بالأجناس، والله تعالى ليس بجنس حتى يحلَّ بالأجناس، وكيف يحل القديم في الحادث، والخالق في المخلوق! ؟ إِن كان حلولَ عَرَض في جوهر فالله تعالى ليس عرضاً، وإِن كان حلولَ جوهر في جوهر فليس الله تعالى جوهراً، وبما أن الحلول والاتحاد بين المخلوقات محال ؛ إِذ لا يمكن أن يصير رجلان رجلاً واحداً لتباينهما في الذات ؛ فالتباين بين الخالق والمخلوق، وبين الصانع والصنعة، وبين الواجب الوجود والممكن الحادث أعظم وأولى لتباين الحقيقتين.

    وما زال العلماء، ومحققو الصوفية يبينون بطلان القول بالحلول والاتحاد، وينبهون على فساده، ويحذرون من ضلاله. قال الشيخ محي الدين بن عربي رحمه الله تعالى في عقيدته الصغرى: (تعالى الحق أن تحله الحوادث أو يحلها)[الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين بن عربي، كما في اليواقيت والجواهر ج1. ص80-81]

    وقال في عقيدته الوسطى: (اعلم أن الله تعالى واحد بالإِجماع، ومقام الواحد يتعالى أن يحل فيه شيء، أو يحل هو في شيء، أو يتحد في شيء) [الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين بن عربي، كما في اليواقيت والجواهر ج1. ص80-81]

    وقال في باب الأسرار: (لا يجوز لعارف أن يقول: أنا الله ، ولو بلغ أقصى درجات القرب، وحاشا العارف من هذا القول حاشاه، إِنما يقول: أنا العبد الذليل في المسير والمقيل) [الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين بن عربي، كما في اليواقيت والجواهر ج1. ص80-81]

    وقال في الباب التاسع والستين ومائة: (القديم لا يكون قط محلاً للحوادث، ولا يكون حالاً في المحدَث) [الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين بن عربي، كما في اليواقيت والجواهر ج1. ص80-81]

    وقال في باب الأسرار: (من قال بالحلول فهو معلول، فإِن القول بالحلول مرض لا يزول، وما قال بالاتحاد إِلا أهل الإِلحاد، كما أن القائل بالحلول من أهل الجهل والفضول) [الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين بن عربي، كما في اليواقيت والجواهر ج1. ص80-81]

    وقال في باب الأسرار أيضاً: (الحادث لا يخلو عن الحوادث، ولو حل بالحادثِ القديمُ لصح قول أهل التجسيم، فالقديم لا يحل ولا يكون محلاً) [الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين بن عربي، كما في اليواقيت والجواهر ج1. ص80-81]

    وقال في الباب التاسع والخمسين وخمسمائة بعد كلام طويل: (وهذا يدلك على أن العالم ما هو عين الحق، ولا حل فيه الحق، إِذ لو كان عينَ الحق، أو حلَّ فيه لما كان تعالى قديماً ولا بديعاً) [الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين بن عربي، كما في اليواقيت والجواهر ج1. ص80-81]

    وقال في الباب الرابع عشر وثلاثمائة: (لو صحَّ أن يرقى الإِنسان عن إِنسانيته، والمَلكُ عن ملكيته، ويتحد بخالقه تعالى، لصحَّ انقلاب الحقائق، وخرج الإِله عن كونه إِلهاً، وصار الحق خلقاً، والخلق حقاً، وما وثق أحد بعلم، وصار المحال واجباً، فلا سبيل إِلى قلب الحقائق أبداً) [الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين بن عربي، كما في اليواقيت والجواهر ج1. ص80-81]

    وكذلك جاء في شعره ما ينفي الحلول والاتحاد كقوله:

    ودعْ مقالةَ قوم قال عالمُهم بأنَّه بالإِله الواحد اتحَدا

    الاتحادُ مُحُالٌ لا يقول به إِلا جهولٌ به عن عقلهِ شَرَدَا

    وعن حقيقتِه وعن شريعتِه فاعبدْ إِلهَك لا تشركْ به أَحَدا



    وقال أيضاً في الباب الثاني والتسعين ومائتين: (من أعظم دليل على نفي الحلول والاتحاد الذي يتوهمه بعضهم، أن تعلم عقلاً أن القمر ليس فيه من نور الشمس شيء، وأن الشمس ما انتقلت إِليه بذاتها، وإِنما كان القمر محلاً لها، فكذلك العبد ليس فيه من خالقه شيء ولا حل فيه) [الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين بن عربي، كما في اليواقيت والجواهر ج1. ص80-81]

    قال صاحب كتاب نهج الرشاد في الرد على أهل الوحدة والحلول والاتحاد: (حدثني الشيخ كمال الدين المراغي قال: اجتمعتُ، بالشيخ أبي العباس المرسي ـ تلميذ الشيخ الكبير أبي الحسن الشاذلي ـ وفاوضْته في هؤلاء الاتحادية، فوجدته شديد الإِنكار عليهم، والنهي عن طريقهم، وقال: أتكون الصنعة هي عين الصانع ؟!) [الحاوي للفتاوي في الفقه وعلوم التفسير للعلامة جلال الدين السيوطي ج2. ص134]

    وأما ما ورد من كلام السادة الصوفية في كتبهم مما يفيد ظاهره الحلول والاتحاد، فهو إِما مدسوس عليهم، بدليل ما سبق من صريح كلامهم في نفي هذه العقيدة الضالة. وإِما أنهم لم يقصدوا به القول بهذه الفكرة الخبيثة والنحلة الدخيلة، ولكن المغرضين حملوا المتشابه من كلامهم على هذا الفهم الخاطىء، ورموهم بالزندقة والكفر.

    أما الراسخون في العلم والمدققون المنصفون من العلماء فقد فهموا كلامهم على معناه الصحيح الموافق لعقيدة أهل السنة والجماعة، وأدركوا تأويله بما يناسب ما عرف عن الصوفية من إِيمان وتقوى.

    قال العلامة جلال الدين السيوطي رحمه الله تعالى في كتابه الحاوي للفتاوي: (واعلم أنه وقع في عبارة بعض المحققين لفظ الاتحاد، إِشارة منهم إِلى حقيقة التوحيد، فإِن الاتحاد عندهم هو المبالغة في التوحيد. والتوحيد معرفة الواحد والأحد، فاشتبه ذلك على من لا يفهم إِشاراتهِم، فحملوه على غير محمله ؛ فغلطوا وهلكوا بذلك.. إِلى أن قال: فإِذن أصل الاتحاد باطل محال، مردود شرعاً وعقلاً وعرفاً بإِجماع الأنبياء ومشايخ الصوفية وسائر العلماء والمسلمين، وليس هذا مذهب الصوفية، وإِنما قاله طائفة غلاة لقلة علمهم وسوء حظهم من الله تعالى، فشابهوا بهذا القولِ النصارى الذين قالوا في عيسى عليه السلام: اتَّحَد ناسوتُهُ بلاهوتِهِ. وأما مَنْ حفظه الله تعالى بالعناية، فإِنهم لم يعتقدوا اتحاداً ولا حلولاً، وإِن وقع منهم لفظ الاتحاد فإِنما يريدون به محو أنفسهم، وإِثبات الحق سبحانه.

    قال: وقد يُذْكَر الاتحاد بمعنى فناء المخالفات ، وبقاء الموافقات، وفناء حظوظ النفس من الدنيا، وبقاء الرغبة في الآخرة، وفناء الأوصاف الذميمة، وبقاء الأوصاف الحميدة، وفناء الشك، وبقاء اليقين، وفناء الغفلة وبقاء الذكر.

    قال: وأما قول أبي يزيد البسطامي رحمه الله تعالى: [سبحاني، ما أعظم شأني] فهو في معرض الحكاية عن الله، وكذلك قول من قال: [أنا الحق] محمول على الحكاية، ولا يُظَنُّ بهؤلاء العارفين الحلول والاتحاد،لأن ذلك غير مظنون بعاقل، فضلاً عن المتميزين بخصوص المكاشفات واليقين والمشاهدات. ولا يُظَنُّ بالعقلاء المتميزين على أهل زمانهم بالعلم الراجح والعمل الصالح والمجاهدة وحفظ حدود الشرع الغلطُ بالحلول والاتحاد، كما غلط النصارى في ظنهم ذلك في حق عيسى عليه السلام. وإِنما حدث ذلك في الإِسلام من واقعاتِ جهلةِ المتصوفة، وأما العلماء العارفون المحققون فحاشاهم من ذلك.. إِلى أن قال:

    والحاصل أن لفظ الاتحاد مشترك، فيطلق على المعنى المذموم الذي هو أخو الحلول، وهو كفر. ويطلق على مقام الفناء اصطلاحاً اصطلح عليه الصوفية، ولا مشاحة في الاصطلاح، إِذ لا يمنع أحد من استعمال لفظ في معنى صحيح، لا محذور فيه شرعاً، ولو كان ذلك ممنوعاً لم يجز لأحد أن يتفوه بلفظ الاتحاد، وأنت تقول: بيني وبين صاحبي زيد اتحاد.

    وكم استعمل المحدِّثون والفقهاء والنحاة وغيرهم لفظ الاتحاد في معان حديثية وفقهية ونحوية.

    كقول المحدِّثين: اتحد مخرج الحديث.

    وقول الفقهاء: اتحد نوع الماشية.

    وقول النحاة: اتحد العامل لفظاً أو معنى.

    وحيث وقع لفظ الاتحاد من محققي الصوفية، فإِنما يريدون به معنى الفناء الذي هو محو النفس، وإِثبات الأمر كله لله سبحانه، لا ذلك المعنى المذموم الذي يقشعر له الجلد. وقد أشار إِلى ذلك سيدي علي بن وفا، فقال من قصيدة له:

    يظنُّوا بي حلولاً واتحاداً وقلبي مِنْ سوى التوحيد خالي

    فتبرأ من الاتحاد بمعنى الحلول، وقال في أبيات أُخَرَ:

    وعلمُك أنَّ كلَّ الأمرِ أمْري هو المعنى المسمى باتحاد

    فذكر أن المعنى الذي يريدونه بالاتحاد إِذا أطلقوه، هو تسليم الأمر كله لله، وترك الإِرادة معه والاختيار، والجريُ على مواقع أقداره من غير اعتراض، وترك نسبة شيءٍ ما إِلى غيره) [الحاوي للفتاوي في الفقه وعلوم التفسير والحديث والأصول والنحو والإِعراب وسائر الفنون للعلامة جلال الدين السيوطي صاحب التآليف الكثيرة المتوفى سنة 911هـ. ج2. ص134]

    ونقل الشعراني عن سيدي علي بن وفا رحمهما الله تعالى قوله: (المراد بالاتحاد حيث جاء في كلام القوم فناء العبد في مراد الحق تعالى، كما يقال: بين فلان وفلان اتحاد، إِذا عمل كل منهما بمراد صاحبه، ثم أنشد:

    وعلمُك أنَّ كلَّ الأمرِ أمري هو المعنى المسمَّى باتحاد

    [اليواقيت والجواهر للشعراني ج1. ص83]



    وقال العلامة ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى في كتابه مدارج السالكين شرح منازل السائرين: (لدرجة الثالثة من درجات الفناء: فناء خواص الأولياء وأئمة المقربين، وهو الفناء عن إِرادة السوى، شائماً برق الفناءِ عن إِرادة ما سواه، سالكاً سبيل الجمع على ما يحبه ويرضاه، فانياً بمراد محبوبه منه، عن مراده هو من محبوبه، فضلاً عن إِرادة غيره، قد اتحد مراده بمراد محبوبه، أعني المراد الديني الأمري، لا المراد الكوني القدري، فصار المرادان واحداً.. ثم قال: وليس في العقل اتحاد صحيح إِلا هذا، والاتحاد في العلم والخبر. فيكون المرادان والمعلومان والمذكوران واحداً مع تباين الإِرادتين والعلمين والخبرين، فغاية المحبة اتحاد مراد المحب بمراد المحبوب، وفناء إِرادة المحب في مراد المحبوب. فهذا الاتحاد والفناء هو اتحاد خواص المحبين وفناؤهم ؛ قد فَنَوْا بعبادة محبوبهم، عن عبادة ما سواه، وبحبه وخوفه ورجائه والتوكل عليه والاستعانة به والطلب منه عن حب ما سواه. ومَنْ تحقق بهذا الفناء لا يحب إِلا في الله، ولا يبغض إِلا فيه، ولا يوالي إِلا فيه، ولا يعادي إِلا فيه، ولا يعطي إِلا لله، ولا يمنع إِلا لله، ولا يرجو إِلا إِياه، ولا يستعين إِلا به، فيكون دينه كله ظاهراً وباطناً لله، ويكون الله ورسولهُ أحبَّ إِليه مما سواهما، فلا يوادُّ من حادَّ الله ورسوله ولو كان أقرب الخلق إِليه،

    بل ُعادي الذي عادى مِن الناسِ كلِّهم جميعاً ولو كانَ الحبيبَ المصافيا

    وحقيقة ذلك فناؤه عن هوى نفسه، وحظوظها بمراضي ربه تعالى وحقوقه، والجامع لهذا كله تحقيق شهادة أن لا إِله إِلا الله علماً ومعرفة وعملاً وحالاً وقصداً، وحقيقة هذا النفي والإِثبات الذي تضمنتْهُ هذه الشهادة هو الفناء والبقاء، فيفنى عن تأله ما سواه علماً وإِقراراً وتعبداً، ويبقى بتألهه وحده، فهذا الفناء وهذا البقاء هو حقيقة التوحيد، الذي اتفقت عليه المرسلون صلوات الله عليهم، وأُنزلت به الكتب، وخلقت لأجله الخليقة، وشرعت له الشرائع، وقامت عليه سوق الجنة، وأسس عليه الخَلْق والأمر.. إِلى أن قال: وهذا الموضع مما غلط فيه كثير من أصحاب الإِرادة. والمعصوم من عصمه الله، وبالله المستعان والتوفيق والعصمة) [مدارج السالكين شرح منازل السائرين ج1. ص90 و91 للعلامة الشهير ابن قيم الجوزية المتوفى 751هـ]

    وقال في موضع آخر: (وإِن كان مشمراً للفناء العالي، وهو الفناء عن إِرادة السوى، لم يبق في قلبه مرادٌ، يزاحم مراده الديني الشرعي النبوي القرآني، بل يتحد المرادان ؛ فيصير عين مراد الرب تعالى هو عين مراد العبد، وهذا حقيقة المحبة الخالصة، وفيها يكون الاتحاد الصحيح، وهو الاتحاد في المراد، لا في المريد ولا في الإِرادة) [مدارج السالكين شرح منازل السائرين ج1. ص90 و91 للعلامة الشهير ابن قيم الجوزية المتوفى 751هـ]

    ورغم أن ابن تيمية مخاصم للسادة الصوفية، وشديد العداوة لهم، فإِنه يبرِّىءُ ساحتهم من تهمة القول بالاتحاد، ويؤول كلامهم تأويلاً صحيحاً سليماً. أما تبرئته لساحتهم، فقد قال في فتاويه: (ليس أحد من أهل المعرفة بالله، يعتقد حلول الرب تعالى به أو بغيره من المخلوقات، ولا اتحاده به، وإِن سُمع شيء من ذلك منقول عن بعض أكابر الشيوخ فكثير منه مكذوب، اختلقه الأفاكون من الاتحادية المباحية، الذين أضلهم الشيطان وألحقهم بالطائفة النصرانية) [مجموع فتاوى ابن تيمية قسم التصوف ج11. ص74ـ75]

    وقال أيضاً: (كل المشايخ الذين يُقتدَى بهم في الدين متفقون على ما اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها من أن الخالق سبحانه مباين للمخلوقات. وليس في مخلوقاته شيء من ذاته، ولا في ذاته شيء من مخلوقاته، وأنه يجب إِفراد القديم عن الحادث، وتمييز الخالق عن المخلوق، وهذا في كلامهم أكثر من أن يمكن ذكره هنا) [مجموع فتاوى ابن تيمية قسم علم السلوك ج10. ص223] .

    وأما تأويله لكلامهم فقد قال في مجموعة رسائله: (وأما قول الشاعر في شعره:

    أنا مَنْ أهوى ومَنْ أهوى أنا

    فهذا إِنما أراد به الشاعر الاتحاد المعنوي، كاتحاد أحد المحبّين بالآخر، الذي يحب أحدهما ما يحب الآخر، ويبغض ما يبغضه، ويقول مثل ما يقول، ويفعل مثل ما يفعل ؛ وهذا تشابه وتماثل، لا اتحاد العين بالعين، إِذا كان قد استغرق في محبوبه، حتى فني به عن رؤية نفسه، كقول الآخر:

    غبتُ بكَ عنِّي فظننْتُ أنَّك أنِّي

    فهذه الموافقة هي الاتحاد السائغ) [مجموع رسائل ابن تيمية ص52]

    من هذه النصوص المتعددة تبين لنا أن كل ما ورد في كلام السادة الصوفية من كلمة [اتحاد] إِنما يراد بها هذا الفهم السليم الذي يوافق عقيدة أهل السنة والجماعة، ولا يصح أن نحمل كلامهم على معان تخالف ما صرحوا به من تبنِّيهم لعقيدة أهل السنة والجماعة. وما على المنصف إِلا أن يحسن الظن بالمؤمنين، ويؤول كلامهم على معنى شرعي مستقيم [انظر بحث تأويل كلام السادة الصوفية ص 415]]

    وحدة الوجود:
    اختلف علماء النظر في موقفهم من العارفين المحققين القائلين بوحدة الوجود، فمنهم من تسرع باتهامهم بالكفر والضلال، وفهم كلامهم على غير المراد. ومنهم من لم يتورط بالتهجم عليهم، فتثبت في الأمر ورجع إِليهم ليعرف مرادهم. لأن هؤلاء العارفين مع توسعهم في هذه المسألة لم يبحثوا فيها بحثاً يزيل إِشكال علماء النظر، لأنهم تكلموا في ذلك ودوَّنوا لأنفسهم وتلاميذهم لا لمن لم يشهد تلك الوحدة من غيرهم، لذلك احتاج الأمر للإِيضاح لتطمئن به قلوب أهل التسليم من علماء النظر.

    ومن العلماء الذين حققوا في هذه المسألة، وفهموا المراد منها السيد مصطفى كمال الشريف. حيث قال: (الوجود واحد، لأنه صفة ذاتية للحق سبحانه وتعالى، وهو واجب فلا يصح تعدده، والموجود هو الممكن، وهو العالَمُ فصح تعدده باعتبار حقائقه. وقيامُه إِنما هو بذلك الوجود الواجب لذاته، فإِذا زال بقي الوجود كما هو، فالموجود غير الوجود، فلا يصح أن يقال الوجود اثنان: وجود قديم ووجود حادث، إِلا أن يراد بالوجود الثاني الموجود من إِطلاق المصدر على المفعول، فعلى هذا لا يترتب شيء من المحاذير التي ذكرها أهل النظر على وحدة الوجود القائل بها أهل التحقيق.. إِلى أن قال: الحِسُّ لا يرى إِلا الهياكل أي الموجود، والروحُ لا تشهد إِلا الوجود، وإِذا شهدت الموجود فلا تشهده إِلا ثانياً، على حدِّ مَنْ قال: ما رأيت شيئاً إِلا ورأيت الله قبله، وأراد بهذه الرؤية الشهودَ لا رؤية البصر، لأن الرؤية من خصائص البصر، والشهود من خصائص البصيرة، لذلك ورد: أشهد أن لا إِله إِلا الله، ولم يرد أرى ؛ بل ولا يصح أن يقال: أرى) [رسالة وحدة الوجود للعلامة مصطفى كمال الشريف ص27ـ28]

    وهكذا شأن العلماء المنصفين، يغارون على الشريعة الغراء، ويتثبَّتون في الأمور، دون أن يتسرعوا بتكفير أحد من المؤمنين، ويرجعون في فهم كل حقيقة إِلى أهل الاختصاص بها.

    ونظراً لأن مسألة وحدة الوجود أخذت حظاً كبيراً من اهتمام بعض العلماء، وشغلت أذهان الكثير منهم، أردنا أن نزيد الموضوع إِيضاحاً وتبسيطاً خدمة للشريعة وتنويراً للأفهام فنقول:

    إِن الوجود نوعان: وجود قديم أزلي ؛ وهو واجب، وهو الحق سبحانه وتعالى، قال تعالى: {ذلِكَ بأنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ} [الحج: 22] أي الثابت الوجود، المحَقَّق.

    ووجود جائز عرضي ممكن، وهو وجود من عداه من المُحْدَثات.

    وإِن القول بوحدة الوجود، وأن الوجود واحد هو الحق تعالى يحتمل معنيين: أحدهما حق، والثاني كفر، ولهذا فالقائلون بوحدة الوجود فريقان:

    1ـ الفريق الأول: أرادوا به اتحاد الحق بالخلق، وأنه لا شيء في هذا الوجود سوى الحق، وأن الكل هو، وأنه هو الكل، وأنه عين الأشياء، وفي كل شيء له آية تدل على أنه عينه.. فقوله هذا كفر وزندقة وأشد ضلالة من أباطيل اليهود والنصارى وعبدة الأوثان.

    وقد شدَّد الصوفية النكير على قائله، وأفتَوْا بكفره، وحذَّروا الناس من مجالسته. قال العارف بالله أبو بكر محمد بناني رحمه الله تعالى: (فاحذر يا أخي كلَّ الحذر من الجلوس مع من يقول: ما ثَمَّ إِلا الله، ويسترسل مع الهوى، فإِن ذلك هو الزندقة المحضة، إِذ العارف المحقق إِذا صح قدمه في الشريعة، ورسخ في الحقيقة، وتَفَوَّهَ بقوله: ما ثَمَّ إِلا الله، لم يكن قصدهُ من هذه العبارة إِسقاطَ الشرائع وإِهمال التكاليف، حاش لله أن يكون هذا قصده) [مدارج السلوك إِلى ملك الملوك للعارف الكبير محمد بناني المتوفى 1284هـ] .

    2ـ الفريق الثاني: قالوا ببطلان وكفر ما ذُكِرَ ؛ من أن الخالق عين المخلوق، وإِنما أرادوا بوحدة الوجود وحدة الوجود القديم الأزلي، وهو الحق سبحانه، فهو لاشك واحد منزه عن التعدد. ولم يقصدوا بكلامهم الوجود العرضي المتعدد. وهو الكون الحادث، نظراً لأن وجوده مجازي، وفي أصله عَدَمِيٍّ لا يضر ولا ينفع. فالكون معدوم في نفسه، هالك فانٍ في كل لحظة. قال تعالى: {كُلُّ شَيءٍ هالِكٌ إلا وَجهَهُ} [القصص: 88] وإِنما يُظهره الإِيجاد، ويُثْبتُه الإِمداد. الكائنات ثابتة بإِثباته، وممحوةٌ بأَحدِّيَة ذاته، وإِنما يُمْسكه سر القيومية فيه. وهؤلاء قسمان:

    1ـ قسم أخذ هذا الفهم بالاعتقاد والبرهان، ثم بالذوق والعَيان، وغلب عليه الشهود، فاستغرق في لُجج بحار التوحيد، ففني عن نفسه فضلاً عن شهود غيره، مع استقامته على شرع الله تعالى وهذا قوله حق.

    2ـ وقسم ظن أن ذلك علم لفظي، فتوغل في تلاوة عباراته، وتمسَّك بظواهر إِشاراته، وغاب في شهودها عن شهود الحق، فربما هانت الشريعة في عينيه، لما يلتذ به من حلاوة تلك الألفاظ، فيقع على أم رأسه، ويتكلم بما ظاهره أن الشريعة في جهة يختص بها أهل الغفلة، والحقيقة في جهة أخرى يختص بها أهل العرفان، ولَعمري إِن هذا لهو عين الزور والبهتان، وما ثَمَّ إِلا شريعةٌ ومقامُ إِحسان.

    وعلى كلٌّ فالأَوْلى بالصوفي في هذا الزمان أن يبتعد عن الألفاظ والتعابير التي فيها إِيهام أو غموض أو اشتباه [انظر بحث بين الحقيقة والشريعة ص 381 من هذا الكتاب] لئلا يوقع الناس بسوء الظن به، أو تأويل كلامه على غير ما يقصده، ولأن كثيراً من الزنادقة والدخلاء على الصوفية قد تكلموا بمثل هذه العبارات الموهمة والألفاظ المتشابهة، لِيَظْهروا ما يُكِنُّونَه في قلوبهم من عقائد فاسدة، ولِيصلوا بذلك إِلى إِباحة المحرمات، ولِيبرِّرُوا ما يقعون فيه من المنكرات والفواحش، فاختلط الحق بالباطل، وأُخِذَ المؤمن الصادق بجريرة الفاسق المنحرف.

    لهذا سيَّجَ الصوفية بواطنهم وظواهرهم بالشريعة الغرَّاء، وأوْصَوْا تلامذتهم بالتمسك بها قولاً وعملاً وحالاً، فهي عندهم باب الدخول وسلم الوصول، ومَنْ حاد عنها كان من الهالكين، وقد مر بك كلام الصوفية في التمسك بالشريعة فارجع إِليه في هذا الكتاب [أما ما ثبت من كلام أعلام الصوفية مما فيه غموض أو اشتباه فمردُّه أحد سببين:

    أ ـ إِما لأنهم التزموا اصطلاحاتٍ ورموزاً وإِشاراتٍ لا يفهمها غيرهم كما أشرنا إِلى ذلك في بحث التأويل.

    ب ـ وإِما لأنهم تكلموا بها في حالات الغلبة والشطح. ولذلك لا يجوز لمن لم يذق مذاقهم ولم يبلغ مراتبهم أن يقلدهم في هذه العبارات ويتشدق بها أمام الناس]

    وختاماً نقول: إِن تلك النقول عن العلماء الأعلام، وعن الصوفية أنفسهم، تكشف للقارىء الكريم أن الصوفية مُبَرؤَّوُن مما نُسب إِليهم من القول بالحلول والاتحاد، ووحدة الوجود، وأن كلامهم مؤوَّل على وجه شرعي، وموافق لما عليه أهل السنة والجماعة، من العقيدة الصحيحة السليمة، وأنهم ما نالوا هذه المواهب العرفانية إِلا بالتمسك بالكتاب والسنة، وأنهم حقيقة رجال السلف الصالح ـ رضي الله عنهم ـ الذين تمسكوا بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأفلحوا وتحققوا بالاتباع الكامل له عليه الصلاة والسلام، فنالوا الرضى من الله تعالى، وفازوا بسعادة الدارين. {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ والرسولَ فأولئِكَ معَ الصِّدِّيقينَ والشهداءِ والصالحينَ وحَسُنَ أولئكَ رفيقاً} [النساء: 69]

    تتمة السؤال: الرفض ، الفناء ، النور المحمدي ، الرابطة ، دعاء الأموات و عبادة القبور .......ألخ
    الجواب:
    أما عن أن الصوفية يقولون بالرفض (أي رفض خلافة أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب) فليس هناك أحد من الصوفية السنة يقولون بهذا الكلام أبداً ، فعقيدتهم عقيدة أهل السنة والجماعة ومذاهبهم في الفقهيات مذاهب الشافعي ومالك وأبي حنيفة وأحمد بن حنبل رضي الله عنهم أجمعين.

    وأما عن الفناء فيفسره ابن تيمية رحمه الله:
    قال ابن تيمية في مجموع الفتاوي (جزء 10 - صفحة 219(
    (فان الفناء ثلاثة انواع: نوع للكاملين من الأنبياء والأولياء ونوع للقاصدين من الاولياء والصالحين ونوع للمنافقين الملحدين الخمشهبين فاما الأول فهو الفناء عن ارادة ما سوى الله بحيث لا يجب الا الله ولا يعبد الا اياه ولا يتوكل الا عليه ولا يطلب غيره وهو المعنى الذى يجب ان يقصد بقول الشيخ ابى يزيد حيث قال اريد ان لا اريد الا ما يريد اى المراد المحبوب المرضى وهو المراد بالارادة الدينية وكمال العبد ان لا يريد ولا يجب ولا يرضى الا ما اراده الله ورضيه واحبه وهو ما أمر به أمر إيجاب أو استحباب ولا يجب الا ما يحبه الله كالملائكة والأنبياء والصالحين وهذا معنى قولهم فى قوله الا من أتى الله بقلب سليم قالوا هو السليم مما سوى الله او مما سوى عبادة الله او مما سوى ارادة الله او مما سوى محبة الله فالمعنى واحد وهذا المعنى أن سمى فناء او لم يسم هو اول الاسلام وآخره وباطن الدين وظاهره .

    ( اما النوع الثاني فهو الفناء عن شهود السوى وهذا يحصل لكثير من السالكين فانهم لفرط انجذاب قلوبهم الى ذكر الله وعبادته ومحبته وضعف قلوبهم عن ان تشهد غير ما تعبد وترى غير ما تقصد لا يخطر بقلوبهم غير الله بل ولا يشعرون كما قيل فى قوله {وأصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها} قالوا فارغا من كل شئ الا من ذكر موسى وهذا كثير يعرض لمن فقمه أمر من الأمور إما حب وإما خوف واما رجاء يبقى قلبه منصرفا عن كل شئ الا عما قد احبه او خافه او طلبه بحيث يكون عند استغراقه فى ذلك لا يشعر بغيره فإذا قوى على صاحب الفناء هذا فانه يغيب بموجوده عن وجوده وبمشهوده عن شهوده وبمذكوره عن ذكره وبمعروفه عن معرفته حتى يفنى من لم يكن وهى المخلوقات المعبدة ممن سواه ويبقى من لم يزل وهو الرب تعالى والمراد فناؤها فى شهود العبد وذكره وفناؤه عن ان يدركها او يشهدها) اهـ .


    وأما عن النور المحمدي فقد جاء في مجموع فتاوي ابن تيمية : الجزء (13ص 10)
    [وكذلك قوله : (لقد جاءكم من الله نور وكتاب مبين) قيل : النور هو محمد عليه الصلاة والسلام] انتهى



    أخرج أحمد والحاكم والبيهقي في الدلائل عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إني عند الله في أمّ الكتاب لخاتم النبيّين، وإن ءادم لمنجدل في طينته وسأنبئكم بتأويل ذلك: دعوة أبي إبراهيم، وبشارة عيسى قومه، ورؤيا أمي التي رأت أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام وكذلك ترى أمهات الأنبياء".وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: "رواه أحمد بأسانيد، والبزار والطبراني بنحوه" ..."أحد أسانيد أحمد رجاله رجال الصحيح غير سعيد بن سويد، وقد وثقه ابن حبّان"اهـ. قلت: رواه الحاكم من طريق أبي بكر بن أبي مريم، عن سويد بن سعيد، عن العرباض بن سارية، وقال: "صحيح الإسناد" وتعقّبه الذهبي بأن أبا بكر ضعيف، وغلط الدكتور قلعجي محقّق كتاب دلائل النبوة فذكر أن الذهبي وافقه على تصحيحه.

    وروى أحمد من طريق بُدَيْل عن عبد الله بن شقيق عن ميسرة الفجر قال: "قلت: يا رسول الله متى كنت نبيًّا؟ قال: "وءادم بين الروح والجسد". وهكذا رواه البغوي وابن السكن في الصحابة. قال الحافظ: وهذا سند قوي. قلت: وذكره البخاري في التاريخ معلقًا. روى الحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "قيل للنبيّ صلى الله عليه وسلم: متى وجبت لك النبوّة؟ قال: بين خلق ءادم ونفخ الروح فيه". وروى أحمد من طريق عبد الله بن شقيق، عن رجل قال: "قلت: يا رسول الله متى جعلت نبيًّا؟ قال: وءادم بين الروح والجسد". قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح. قلت: هو أحد طرق حديث ميسرة الفجر.
    وقال ابن سعد في الطبقات: أخبرنا عفّان ابن مسلم وعمرو بن عاصم الكلابي قالا: حدّثنا حماد بن سلمة، عن خالد الحذاء، عن عبد الله ابن شقيق، عن عبد الله بن أبي الجدعاء قال: "قلت: يا رسول الله متى كنت نبيًّا؟ قال: إذ ءادم بين الروح والجسد"اهـ. رجاله رجال الصحيح. وروى البزار والطبراني بإسناد ضعيف عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: "قيل: يا رسول الله متى كنت نبيًّا؟ قال: وءادم بين الروح والجسد". قال البيهقي: قوله صلى الله عليه وسلم: "إني عند الله في أمّ الكتاب لخاتم النبيين وان ءادم لمنجدل في طينته" يريد انه كان كذلك في قضاء الله وتقديره قبل أن يكون أبو البشر وأوّل الأنبياء صلوات الله عليهم" اهـ.

    وقال أبو الحسين بن بشران، حدثنا أبو جعفر محمد بن عمرو، حدثنا أحمد بن إسحاق بن صالح، ثنا محمد بن صالح، ثنا محمد بن سنان العَوفي، ثنا إبراهيم بن طَهمان، عن بُدَيل بن ميسرة، عن عبد الله بن شقيق، عن ميسرة قال: قلت: يا رسول الله متى كنت نبيًّا؟ قال: "لما خلق الله الأرض واستوى إلى السماء فسواهن سبع سموات وخلق العرش كتب على ساق العرش: محمّد رسول الله خاتم الأنبياء، وخلق الله الجنّة التي أسكنها ءادم وحوّاء فكتب اسمي على الأبواب والأوراق والقباب والخيام، وءادم بين الروح والجسد، فلما أحياه الله تعالى نظر إلى العرش فرأى اسمي فأخبر أنه سيد ولدك، فلما غرهما الشيطان تابا واستشفعا باسمي إليه" اهـ، إسناد جيد قوي. وهو يفيد أن معنى كونه نبيًّا: إظهار نور النبوة قبل نفخ الروح في سيدنا آدم عليه السلام.



    واستئناساً من كتاب أشعيا أحد أناجيل النصارى نقلاً عن ابن القيم رحمه الله في هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى جزء 1، صفحة 74فصل الوجه التاسع عشر :
    ((قول أشعيا ايضا باسم رسول الله صلى الله عليه وسلم "اني جعلت امرك يا محمد بالحمد يا قدوس الرب اسمك موجود من الابد")) فهل بقي بعد ذلك لزايغ مقال او لطاعن مجال قوله: يا قدوس الرب معناه يا من طهره الرب وخلصه واصطفاه وقوله اسمك موجود من الابد مطابق لقول داود في مزمور له اسمك موجود قبل الشمس .

    ولننظر من سماه النور ، بل من سماه السراج (يعني الذي يتفجر منه النور) ، قال الله عز وجل: (يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً) سورة الأحزاب، فهل سينكرون كلام الله ؟ أم أنهم سينكرون على الله سبحانه وتعالى لأنه سمى النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم سراجاً منيراً؟؟!!!!!
    وأما عن الرابطة فقد أجبت عنها.
    ولكن من الأغاليط أن نقول دعاء الأموات الصالحين، فإن الأموات لا نداء لهم، بل هو استشفاع بهم إلى الله (ليس بأجسادهم البالية) بل بأرواحهم الحية وبمقامهم عند الله، وليس حراماً أو شركاً إن توجهنا بهم إلى الله توسلاً واستشفاعاً إليه، وتحبباً لديه، ومنكر الشفاعة عند أهل السنة يعتبر فاسقاً.

    وأما عن عبادة القبور:
    فهذا من المضحك أن يقال عن الصوفية الذين يزورون القبور أنهم يعبدونها، فهل زيارة المساجد مثلاً تعتبر عبادة لها؟؟!!! الجواب طبعاً : لا
    أما التوسل بالصالحين الذين دفنوا في المقبرة فلا يعني هذا عبادة لهم أو عبادة لقبورهم، ومن اعتقد هذا عن زائري هؤلاء الصالحين فهذا أحمق فاقد لعقله، ومن أشكل المشكلات توضيح الواضحات.
    هل نسمي من يدعو الله ويشهد أن لا إله إلا الله محمد رسول الله متوسلاً بأحبابه إليه) كما فعل الصحابة عندما توسلوا ببعضهم وتوسلوا برسول الله) هل نسمي هؤلاء مشركين أو عابدين للقبور؟!
    اللهم ثبت علينا إيماننا وعقولنا
    لكن أقول: إن قوماً من أهل الجفاء والقلوب القاسية ومن فهموا الدين بالتشدد والتزمت والتكفير، قالوا للسذج هذا الكلام لتنفير الناس من زيارة الصالحين حتى في قبورهم أما عن زيارتهم في مجالسهم وهم أحياء فهي بدعة عند هؤلاء، فلا الصالحين الأحياء نجوا منهم ولا الصالحين الأموات.
    ومن يعتقد أن زيارة قبر الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم شرك، فقد افترى على الله ورسوله، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد)) فقبره محفوظ من الشرك وإن توسل الناس به عند قبره وإن استغاثوا به مستشفعين به إلى الله عنده، فهذا ليس من الشرك لأن دعاءه عليه الصلاة والسلام بحفظ قبره من الشرك والوثتية محفوظ من كل هذا.
    وإذا كان التوسل حدث من الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حياته فالأمر باق على مشروعيته بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا شيء مسلم به كما ورد عن سيدنا عمر في صحيح البخاري ((اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا)) ، فكل ما جاز فعله في حياة النبي عليه الصلاة والسلام فهو جائز بعد وفاته ما لم يرد دليل على منعه بعد وفاته، ولم يرد هذا، ولايجوز تخصيص شيء من دون دليل من كلام الله أو كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم والترك لا ينجب حكماً.


    تمت الأجوبة على هذه الأسئلة والحمد لله رب العالمين
    حسام دمشقي

    http://www.soufia.org

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت أبريل 27, 2024 9:13 pm