أهل السنة والجماعة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
أهل السنة والجماعة

موقع أهل السنة والجماعة ومذاهبهم الفقهية والعقائدية والرد على من خالفهم

  نرحب بكم بمنتدى أهل السنة والجماعة ، نرجو منكم الإنضمام إلى هذا المنتدى المبارك ، هدفنا من هذا المنتدى النصيحة لأنفسنا ولغيرنا ولسائر المسلمين وغير المسلمين بالحكمة والموعظة الحسنة ، الدين النصيحة لله ورسوله وأئمة المسلمين وعامتهم .

    عقيدة شيخ الإسلام الفقيه المحدث المفسر الخطيب الواعظ إسماعيل بن عبد الرحمن بن إسماعيل أبو عثمان الصابوني المتوفى 449 هـ

    وليد79
    وليد79


    عدد المساهمات : 54
    تاريخ التسجيل : 21/08/2009

    عقيدة شيخ الإسلام الفقيه المحدث المفسر الخطيب الواعظ إسماعيل بن عبد الرحمن بن إسماعيل أبو عثمان الصابوني المتوفى 449 هـ Empty ترجمة شيخ الإسلام الفقيه المحدث المفسر الخطيب الواعظ إسماعيل بن عبد الرحمن بن إسماعيل أبو عثمان الصابوني

    مُساهمة  وليد79 الجمعة أكتوبر 02, 2009 6:07 am

    ترجمة شيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني


    الإمام العلامة تاج الدين بن علي بن عبد الكافي السبكي طبقات الشافعية الكبرى (ج4/272):
    إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم ابن عامر بن عابد شيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني الفقيه المحدث المفسر الخطيب الواعظ المشهور الاسم الملقب بشيخ الإسلام لقبه أهل السنة في بلاد خراسان فلا يعنون عند إطلاقهم هذه اللفظة غيره وأما المجسمة بمدينة هراة فلما ثارت نفوسهم من هذا اللقب عمدوا إلى أبي إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري صاحب كتاب ذم الكلام فلقبوه بشيخ الإسلام وكان الأنصاري المشار إليه رجلا كثير العبادة محدثا إلا أنه يتظاهر بالتجسيم والتشبيه وينال من أهل السنة وقد بالغ في كتابه ذم الكلام حتى ذكر أن ذبائح الأشعرية لا تحل وكنت أرى الشيخ الإمام يضرب على مواضع من كتاب ذم الكلام وينهى عن النظر فيه.

    وللأنصاري أيضا كتاب الأربعين سمتها أهل البدعة الأربعون في السنة يقول فيها باب إثبات القدم لله باب إثبات كذا وكذا.

    وبالجملة كان لا يستحق هذا اللقب وإنما لقب به تعصبا وتشبيها له بأبي عثمان وليس هو هناك.

    وكان أهل هراة في عصره فئتين فئة تعتقده وتبالغ فيه لما عنده من التقشف والتعبد وفئة تكفره لما يظهره من التشبيه.

    ومن مصنفاته التي فوقت نحوه سهام أهل الإسلام كتاب ذم الكلام وكتاب الفاروق في الصفات وكتاب الأربعين وهذه الكتب الثلاثة أبان فيها عن اعتقاد التشبيه وأفصح.

    وله قصيدة في الإعتقاد تنبىء عن العظائم في هذا المعنى وله أيضا كتاب منازل السائرين في التصوف وكان الشيخ تقي الدين أبو العباس ابن تيمية مع ميله إليه يضع من هذا الكتاب أعني منازل السائرين .قال شيخنا الذهبي وكان يرمي أبا إسماعيل بالعظائم بسبب هذا الكتاب ويقول إنه مشتمل على الاتحاد.

    قلت والأشاعرة يرمونه بالتشبيه ويقولون إنه كان يلعن شيخ السنة أبا الحسن الأشعري وأنا لا أعتقد فيه أنه يعتقد الاتحاد وإنما أعتقد أنه يعتقد التشبيه وأنه ينال من الأشاعرة وأن ذلك بجهله بعلم الكلام وبعقيدة الأشعرية فقد رأيت أقواما أتوا من ذلك.

    وكان شديد التعصب للفرق الحنبلية بحيث كان ينشد على المنبر على ما حكى عنه تلميذه محمد بن طاهر


    أنا حنبلي ما حييت وإن أمت

    فوصيتي للناس أن يتحنبلوا

    وترك الرواية عن شيخه القاضي أبي بكر الحيري لكونه أشعريا وكل هذا تعصب زائد. برأنا الله من الأهواء.

    وذكر أبي إسماعيل خارج عن غرض هذا الكتاب فإنما أردنا أن ننبه على الفرق بينه وبين شيخ الإسلام على الحقيقة أبي عثمان نترجمه الآن فلنعد إلى ترجمته فنقول ذكره عبد الغافر في السياق فقال هو الأستاذ الإمام شيخ الإسلام أبو عثمان الخطيب المفسر المحدث الواعظ أوحد وقته في طريقته وعظ المسلمين في مجالس التذكير سبعين سنة وخطب وصلى في الجامع يعني بنيسابور نحوا من عشرين سنة.

    ثم قال ورزق العز والجاه في الدين والدنيا وكان جمالا للبلد زينا للمحافل والمجالس مقبولا عند الموافق والمخالف مجمعا على أنه عديم النظير وسيف السنة ودافع البدعة.

    وهو النسيب المعم المخول المدلي من جهة الأمومة إلى الحنفية والفضلية والشيبانية والقرشية والتميمية والمزنية والضبية من الشعب النازلة إلى الشيخ أبي سعد يحيى بن منصور بن حسنويه السلمي الزاهد الأكبر على ما هو مشهور من أنسابهم عند جماعة من العارفين بالأنساب لأنه أبو عثمان إسماعيل بن زين البيت ابنة الشيخ أبي سعد الزاهد بن أحمد بن مريم بنت أبي سعد الأكبر الزاهد.

    وأما من جهة الأب فهو الأصل الذي لا يحتاج نسبه إلى زيادة فقال وكان أبوه أبو نصر من كبار الواعظين بنيسابور ففتك به لأجل التعصب والمذهب وقلد الأمة صبيا بعد حول سبع سنين فاستدعى أن يذكر صبيا دعي للختم على رأس قبر أبيه كل يوم وأقعد بمجلس الوعظ مقام أبيه وحضر أئمة الوقت مجالسه.

    وأخذ الإمام أبو الطيب سهل بن محمد بن سليمان الصعلوكي في تربيته وتهيئة أسبابه وترتيب حشمته ونوبه وكان يحضر مجالسه ويثني عليه مع تكبره في نفسه وكذلك سائر الأئمة كالأستاذ الإمام أبي إسحاق الإسفرايني والأستاذ أبي بكر بن فورك وسائر الأئمة كانوا يحضرون مجلس تذكيره ويتعجبون من كمال ذكائه وعقله وحسن إيراده الكلام عربيه وفارسيه وحفظه الأحاديث حتى كبر وبلغ مبلغ الرجال وقام مقام أسلافه في جميع ما كان إليهم من النوب.

    ولم يزل يرتفع شأنه حتى صار إلى ما صار إليه من الحشمة التامة والجاه العريض وهو في جميع أوقاته مشتغل بكثرة العبادات ووظائف الطاعات بالغ في العفاف والسداد وصيانة النفس معروف بحسن الصلاة وطول القنوت واستشعار الهيبة حتى كان يضرب به المثل في ذلك.

    وكان محترِما للحديث ولثبت الكتب.

    قرأت من خط الفقيه أبي سعيد السكري أنه حكى عن بعض من يوثق بقوله من الصالحين أن شيخ الإسلام قال ما رويت خبرا ولا أثرا في المجلس إلا وعندي إسناده وما دخلت بيت الكتب قط إلا على طهارة وما رويت الحديث ولا عقدت المجلس ولا قعدت للتدريس قط إلا على الطهارة.

    وقال منذ صح عندي أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) كان يقرأ بسورة الجمعة والمنافقين في ركعتي صلاة العشاء ليلة الجمعة ما تركت قراءتهما فيهما.

    قال وقد كنت في بعض الأسفار المخوفة وكان أصحابي يفرقون من اللصوص وقطاع الطريق وينكرون علي في التطويل بقراءة السورتين وغير ذلك فلم أمتنع عن ذلك ولم أنقص شيئا مما كنت أواظب عليه في الحضر فتولانا الله بحفظه ولم تلحقنا آفة.

    وقرأت من خط السكري أيضا قال قرأت في كتاب كتبه الإمام سهل الصعلوكي إلى زاهر بن أحمد الإمام بسرخس حين قصد الأستاذ الإمام إسماعيل أن يرحل إليه لسماع الحديث في صباه بعد ما قتل أبوه شهيدا وفي الكتاب بعد الخطاب وإذا عدت الأحداث التي كانت في هذه السنين الخالية قطارا أرسالا ومتصلة اتصالا ومتوالية حالا فحالا كان أعظمها نكاية في الدين وجناية عليه ما جرى من الفتك بأبي نصر الصابوني رحمه الله نهارا والمكر الذي مكر به كبارا كما إذا عدت غرائب الوقت وعجائبه في الحسن كان بولده الولد الفقيه أبي عثمان إسماعيل أدام الله بقاه وسلامته الابتداء وبذكره الافتتاح فإنه بلغ ولم يبلغ بالسن ما تقصر عنه الأمنية والاقتراح من التدبر والتعلم والوجاهة والتقدم على التحفظ والتورع والتيقظ وقد كان في نفسه لذكائه وكيسه وفطنته وهدايته وعقله الرحلة إلى الشيخ فذكر فصلا فيه ثم قال ولا نشك أنه يصادف منه في الإكرام والتقديم والتعظيم ما يليق بصفاته وإنجابه ودرجاته وأنا شريك في الامتنان لذلك كله وراغب في تعجيل إصداره إلى موضعه ومكانه في عمارة العلم بقعوده للتذكير والتبصير وما يحصل به من النفع الكثير فإن الرجوع لغيبته شديد والاقتضاء بالعموم لعوده أكيد والسلام.

    وذكر عن الشيخ أحمد البيهقي أنه قال عهدي بالحاكم الإمام أبي عبد الله مع تقدمه في السن والحفظ والإتقان أنه يقوم للأستاذ عند دخوله إليه ويخاطبه بالأستاذ الأوحد وينشر علمه وفضله ويعيد كلامه في وعظه متعجبا من حسنه معتدا بكونه من أصحابه.

    قال السكري ورأيت كتاب الأستاذ الإمام أبي إسحاق الإسفرايني الذي كتبه بخطه وخاطبه بالأستاذ الجليل سيف السنة وفي كتاب آخر غيظ أهل الزيغ.

    وحكى الأستاذ أبو القاسم الصيرفي المتكلم أن الإمام أبا بكر بن فورك كان رجع عن مجلسه يوما فقال تعجبت اليوم من كلام هذا الشاب تكلم بكلام مهذب عذب بالعربية والفارسية.

    وحكى عن الشيخ الإمام سهل أيضا أنه كان يقول له بالفارسية أبي سرايخ براتيش است بيش است.

    قرأت بخط السكري أن الأستاذ أبا عثمان كان يتكلم بين يدي الإمام سهل الصعلوكي وكان ينحرف بوجهه عن جانبه فصاح به الإمام سهل استقبلني واترك الانحراف عني فقال: إني أستحيي أن أتكلم في حر وجهك. فقال الإمام سهل: انظروا إلى عقله.

    ولقد أكثر الأئمة الثناء عليه ولذلك مدحه الشعراء في صباه إلى وقت شبابه ومشيبه بما يطول ذكره فمن ذلك ما قال فيه بعض من ذكر من أئمة الأصحاب


    بينا المهذب إسماعيل أرجحهم

    علما وحلما ولم يبلغ مدى الحلم

    وكتب أبو المظفر الجمحي إليه بعد أن سمع خطبته بهذه الأبيات


    أستدفع الله عنه آفة العين

    وكم قرأت عليه آية العين

    العلم يفخر والآداب فاخرة

    منيرة يهتدي فيها ذوو الشين

    لو عاد سحبان حيا قال من عجب

    عين الإله على عين الفريقين

    قد كان ديني على إتمام رؤيته

    لما رأيت محياه قضي ديني

    قل للذي زانه علم ومعرفة

    كم للعلوم بإسماعيل من زين
    وقال فيه البارع الزوزني


    ماذا اختلاف الناس في متفنن

    لم يبصروا للقدح فيه سبيلا

    والله ما رقي المنابر خاطب

    أو واعظ كالحبر إسماعيلا
    ولقد عاش عيشا حميدا بعد ما قتل أبوه شهيدا إلى آخر عمره. فكان من قضاء الله تعالى أنه كان يعقد المجلس فيما حكاه الأثبات والثقات يوم الجمعة في جانب الحسين على العادة المألوفة منذ نيف وستين سنة ويعظ الناس فبالغ فيه ودفع إليه كتاب ورد من بخارى مشتمل على ذكر وباء عظيم وقع بها واستدعي فيه أغنياء المسلمين بالدعاء على رءوس الأملاء في كشف ذلك البلاء عنهم ووصف فيه أن واحدا تقدم إلى خباز يشتري الخبز فدفع الدراهم إلى صاحب الحانوت فكان يزنها والخباز يخبز والمشتري واقف فمات الثلاثة في الحال فاشتد الأمر على عامة الناس. فلما قرأ الكتاب هاله ذلك واستقرأ من القارىء قوله تعالى ) أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض ( ونظائرها وبالغ في التخويف والتحذير وأثر فيه ذلك وتغير في الحال وغلبه وجع البطن من ساعته وأنزل من المنبر فكان يصيح من الوجع وحمل إلى الحمام إلى قريب من غروب الشمس فكان يتقلب ظهرا لبطن ويصيح ويئن فلم يسكن ما به فحمل إلى بيته وبقي فيه ستة أيام لم ينفعه علاج. فلما كان يوم الخميس سابع مرضه ظهرت آثار سكر الموت عليه وودع أولاده وأوصاهم بالخير ونهاهم عن لطم الخدود وشق الجيوب والنياحة ورفع الصوت بالبكاء, ثم دعا بالمقرىء أبي عبد الله خاصته حتى قرأ سورة يس وتغير حاله وطاب وقته وكان يعالج سكرات الموت إلى أن قرأ إسنادا فيه ما روي أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال: ( من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة ) ثم توفي من ساعته عصر يوم الخميس وحملت جنازته من الغد عصر يوم الجمعة إلى ميدان الحسين الرابع من المحرم سنة تسع وأربعين وأربعمائة واجتمع من الخلائق ما الله أعلم بعددهم وصلى عليه ابنه أبو بكر ثم أخوه أبو يعلى ثم نقل إلى مشهد أبيه في سكة حرب ودفن بين يدي أبيه.

    وكان مولده سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة وكان وفاته طاعنا في سنة سبع وسبعين من سنته

    وسمعت الإمام خالي أبا سعيد يذكر مجلسه في موسم من ذلك العام على ملأ عظيم من الخلق وأنه يصيح بصوت عال مرارا ويقول لنفسه يا إسماعيل هفتا دوهفت هفتا دو هفت بالفارسية فلم يأت عليه إلا أيام قلائل ثم توفي لأنه كان يذكر المشايخ الذين ماتوا في هذه السن من أعمارهم.

    ثم قرأت في المنامات التي رؤيت له في حياته وبعد مماته أجزاء لو حكيتها لطال النفس فيها فأقتصر على شيء من ذلك ومن جملته ما حكاه الفقيه أبو المحاسن بن الشيخ أبي الحسن القطان في عزاء شيخ الإسلام أنه رأى في النوم كأنه في خان الحسن وشيخ الإسلام على المنبر مستقبل القبلة يذكر الناس إذ نعس نعسة ثم انتبه وقال نعست نعسة فلقيت ربي ورحمني ورحم أهلي ورحم من شيعني.

    وحكى الثقات عن المقرىء أبي عبد الله المخصوص به أنه رأى قبيل مرض شيخ الإسلام كأن منبره خال عنه وقد أحدق الناس بالمقرىء ينتظرون قراءته فجاء على لسانه )وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم( الآية قال فانتبهت ولم أر أحدا فما مضت إلا أيام قلائل حتى بدأ مرضه وتوفي منه.

    وحكى بعض الصالحين أنه رأى أبا بكر بن أبي نصر المفسر الحنفي جالسا على كرسي وبيده جزء يقرؤه فسأله عما فيه فقال إذا احتاج الملائكة إلى الحج وزيارة بيت الله العتيق جاءوا إلى زيارة قبر إسماعيل الصابوني.

    وقرأت من خط الفقيه أبي سعد السكري أنه حكى عن السيد أبي إبراهيم بن أبي الحسن بن ظفر الحسيني أنه قال رأيت في النوم السيد النقيب زيد بن أبي الحسن بن الحسين بن محمد بن الحسين وبين يديه طبق عليه من الجواهر ما شاء الله فسألته فقال أتحفت بهذا مما نثر على روح إسماعيل الصابوني.

    وحكى المقرىء محمد بن عبد الحميد الأبيوردي الرجل الصالح عن الإمام فخر الإسلام أبي المعالي الجويني أنه رأى في المنام كأنه قيل له عد عقائد أهل الحق, قال فكنت أذكرها إذ سمعت نداء كان مفهومي منه أنى أسمعه من الحق تبارك وتعالى يقول ألم نقل إن ابن الصابوني رجل مسلم.

    وقرأت أيضا من خط السكري حكاية رؤيا رآها الشيخ أبو العباس الشقاني واستدعى منه شيخ الإسلام أن يكتبها فكتب يقول أحمد بن محمد الحسنوي لولا امتناع خروجي عن طاعة الأستاذ الإمام شيخ الإسلام لوجوبها علي لم أكن لأحكي شيئا من هذه الرؤيا هيبة لها لما فيها مما لا أستجيز ذكرها فرقا منها ثم ذكر زيارته لتربة الإمام محمد بن إسحاق بن خزيمة يوما وأنه طاب وقته عندها فرجع إلى بيته ونام وقت الهاجرة فرأى الحق تبارك وتعالى في منامه ذكر الإمام بما قال ولم يحك ذلك ثم عقب ذلك بحديث الأستاذ الإمام وذكر أشياء نسيت بعضها والذي أذكر منها أنه قال وأما ابن ذلك المظلوم فإن له عندنا قرى ونعمى وزلفى إلى آخر ما كان منه, ثم قال أبو العباس كتبته وحق الحق لحرمته وطاعة لأمره.

    وقرأت من خط قديم معروف أنه حكي عن يهودي أنه قال: اغتممت لوفاة أبي نصر الصابوني وقتله فاستغفرت له ونمت فرأيته في المنام وعليه ثياب خضر ما رأيت مثلها قط وهو جالس على كرسي بين يديه جماعة كثيرة من الملائكة وعليهم ثياب خضر, فقلت: يا أستاذ أليس قد قتلوك؟ قال: فعلوا بي ما رأيت. فقلت ما فعل بك ربك؟ قال يا أبا حوايمرد كلمة بالفارسية لمثلي يقال هذا غفر لي وغفر لمن صلى علي كبيرهم وصغيرهم ومن يكون على طريقي. قلت: أما أنا فلم أصل عليك. قال لأنك لم تكن على طريقي. فقلت: إيش أفعل لأكون على طريقك؟ فقال: قل أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله.

    فقلت ذلك ثم قلت: أنا مولاك قال لا أنت مولى الله. قال فانتبهت فجاء من عنده إلى قبره وذكر ما رأى في المنام وقال أنا مولاه وأسلم عند قبره ولم يأخذ شيئا من أحد وقال إني غني أسلمت لوجه الله لا لوجه المال.

    وحكى أبو سهل بن هارون قال قال أبو بكر الصيدلاني وكان من الصالحين كنت حاضرا قبره حين جاء اليهودي فأسلم .

    وقرأت من مضمون كتاب كتبه الإمام زين الإسلام من طوس في تعزية شيخ الإسلام أبي عثمان فصولا كتبت منها هذه الكلمات اختصارا يا ليلة فترة الشريعة ليتك ترى الإصباح ويا محنة أهل السنة أنخت بكلكلك لعله لا براح ويا معراج السماء ليت شعري كيف حالك وقد خلوت من صواعد دعوات مجلس شيخ الإسلام ويا ضلة الإسلام لولا أنك محكوم لك بالدوام لقلنا فنيت عن كل النظام ويا أصحاب المحابر حطوا رحالكم فقد استتر بخلال التراب من كان عليه إلمامكم ويا أرباب المنابر أعظم الله أجوركم فلقد مضى سيدكم وإمامكم وقالوا الإمام قضى نحبه وصيحة من قد نعاه علت فقلت فما واحد قد مضى ولكنه أمة قد خلت.

    وفيه في فصل آخر أليس لم يجسر مفتر أن يكذب على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في وقته أليست السنة كانت بمكانة منصورة والبدعة لفرط حشمته مقهورة أليس كان داعيا إلى الله هاديا عباد الله شابا لا صبوة له ثم كهلا لا كبوة له ثم شيخا لا هفوة له أليس دموع ألوف من المسلمين كل مجلس بذكره كانت تتبرج وقلوبهم بتأثير وعظة كانت تتوهج ترى أن الملائكة لم يؤمروا باستقباله والأنبياء والصديقين لم يستبشروا بقدومه عليهم وإقباله.

    قلت ولما انقلب إلى رحمة الله كثرت فيه المرائي والأشعار وكانت حاله كما قيل


    لقد حسنت فيك المراثي وذكرها

    كما حسنت من قبل فيك المدائح

    ومن أحسن ما قيل فيه ما كتبته بهراة في مرثيته للإمام جمال الإسلام أبي الحسن عبد الرحمن بن محمد الداوودي البوشنجي حيث يقول


    أودى الإمام الحبر إسماعيل

    لهفي عليه فليس منه بديل

    بكت السما والأرض يوم وفاته

    وبكى عليه الوحي والتنزيل

    والشمس والقمر المنير تناوحا

    حزنا عليه وللنجوم عويل

    والأرض خاشعة تبكي شجوها

    ويلي تولول أين إسماعيل

    أين الإمام الفرد في آدابه

    ما إن له في العالمين عديل

    لا تخدعنك مني الحياة فإنها

    تلهي وتنسي والمنى تضليل

    وتأهبن للموت قبل نزوله

    فالموت حتم والبقاء قليل

    هذا كلام عبد الغافر وقد اشتمل من ترجمة شيخ الإسلام على ما فيه مقنع وبلاغ.

    ذكره أبو سعد السمعاني أيضا وأطنب في وصفه وقال زرت قبره ما لا أحصيه كثرة ورأيت أثر الإجابة لكل دعاء دعوته ثمَّ.

    وذكره الإمام الرافعي في كتاب الأمالي وقال نشر العلم إملاء وتصنيفا وتذكيرا واستفاد منه الناس على اختلاف طبقاتهم.

    قلت وبالجملة كان مجمعا على دينه وسيادته وعلمه لا يختلف عليه أحد من الفرق.

    وقد حدث عنه البيهقي وهو من أقرانه وقال فيه إنه إمام المسلمين حقا وشيخ الإسلام صدقا وأهل عصره كلهم مذعنون لعلو شأنه في الدين والسيادة وحسن الإعتقاد وكثرة العلم ولزوم طريقة السلف, وقال أبو عبد الله المالكي أبو عثمان الصابوني ممن شهدت له أعيان الرجال بالكمال في الحفظ والتفسير وغيرهما حدث عن زاهر بن أحمد السرخسي وأبي سعيد عبد الله بن محمد الرازي والحسن بن أحمد المخلدي وأبي بكر ابن مهران المقرىء وأبي طاهر بن خزيمة وأبي الحسين الخفاف وعبد الرحمن بن أبي شريخ والحاكم أبي عبد الله الحافظ وأبي بكر محمد بن عبد الله الجوزقي وغيرهم.

    قال ابن السمعاني وسمع منه عالم لا يحصون.

    قلت منهم عبد العزيز الكتاني وعلي بن الحسن بن صصرى وأبو القاسم المصيصي ونصر الله الخشنامي وأبو بكر البيهقي وخلق آخرهم أبو عبد الله الفراوي.

    وتقدم في كلام عبد الغافر أنه توفي لأربع ليال مضين من المحرم سنة تسع وأربعين وأربعمائة.

    ولو لم يكن في ترجمة هذا الرجل إلا ما حكيناه من قول البيهقي فيه إنه إمام المسلمين حقا وشيخ الإسلام صدقا لكفى في الدلالة على علو شأنه فما ظنك بما تقدم من كلام أئمة عصره. وبه قال زين الإسلام وكتبه من طوس.

    وزين الإسلام المشار إليه ليس هو فيما أظن بالغزالي فإن الغزالي لم يكن ولد هذا الزمان ويبعد أن يكون كتب كتابا للتعزية فيه مع وفاته قبل ميلاده ولعله أبو القاسم القشيري كان بنيسابور فإنه كان وقت وفاة أبي عثمان كان بطوس وليس ببعيد.والله أعلم

    ومن الفوائد عنه قال عبد الغافر الفارسي: من فضائله نظم الشعر على ما يليق بالعلماء ومن غير مبالغة في تعمق يلحقه بالمنهي وقد أنشد له الثعالبي في تتمة اليتيمة:


    إذا لم أصب أموالكم ونوالكم

    ولم أنل المعروف منكم ولا البرا

    وكنتم عبيدا للذي أنا عبده

    فمن أجل ماذا أتعب البدن الحرا
    انتهى
    وليد79
    وليد79


    عدد المساهمات : 54
    تاريخ التسجيل : 21/08/2009

    عقيدة شيخ الإسلام الفقيه المحدث المفسر الخطيب الواعظ إسماعيل بن عبد الرحمن بن إسماعيل أبو عثمان الصابوني المتوفى 449 هـ Empty عقيدة شيخ الإسلام الفقيه المحدث المفسر الخطيب الواعظ إسماعيل بن عبد الرحمن بن إسماعيل أبو عثمان الصابوني المتوفى 449 هـ

    مُساهمة  وليد79 الأربعاء سبتمبر 30, 2009 8:37 pm

    الإمام العلامة تاج الدين بن علي بن عبد الكافي السبكي "طبقات الشافعية الكبرى")ج4/285)[367- إسماعيل بن عبد الرحمن بن إسماعيل أبو عثمان الصابوني]: (وهذه وصيته وقد وجدت بها بدمشق عند دخوله إليها حاجا هذا: ما أوصى به إسماعيل بن عبد الرحمن بن إسماعيل أبو عثمان الصابوني الواعظ غير المتعظ الموقظ غير المتيقظ الآمر غير المؤتمر الزاجر غير المنزجر المتعلم المعترف المنذر المخوف المخلط المفرط المسرف المقترف للسيئات المغترف الواثق مع ذلك برحمة ربه الراجي لمغفرته المحب لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وشيعته الداعي الناس إلى التمسك بسنته وشريعته (صلى الله عليه وسلم).

    أوصى وهو يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلها واحدا أحدا فردا صمدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ولم يشرك في حكمه أحدا الأول الآخر الظاهر الباطن الحي القيوم الباقي بعد فناء خلقه المطلع على عباده العالم بخفيات الغيوب الخبير بضمائر القلوب المبدىء المعيد الغفور الودود ذو العرش المجيد الفعال لما يريد )ليس كمثله شيء وهو السميع البصير( هو مولانا فنعم المولى ونعم النصير يشهد بذلك كله مع الشاهدين مقرا بلسانه عن صحة اعتقاد وصدق يقين ويتحملها عن المنكرين الجاحدين ويعدها ليوم الدين )يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم( )يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون إلا من رحم الله إنه هو العزيز الرحيم(.

    ويشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون.

    ويشهد أن الجنة حق وجملة ما أعد الله تبارك وتعالى فيها لأوليائه حق ويسأل مولاه الكريم جل جلاله أن يجعلها مأواه ومثواه فضلا منه وكرما.

    ويشهد أن النار وما أعد الله فيها لأعدائه حق ويسأل الله مولاه أن يجيره منها ويزحزحه عنها ويجعله من الفائزين قال الله عز وجل )فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور(

    ويشهد أن صلاته ونسكه ومحياه ومماته لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمر وهو من المسلمين والحمد لله رب العالمين.

    وأنه رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا وبالقرآن إماما على ذلك يحيي وعليه يموت إن شاء الله عز وجل.

    ويشهد أن الملائكة حق وأن النبيين حق وأن الساعة لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور

    ويشهد أن الله سبحانه وتعالى قدر الخير وأمر به ورضيه وأحبه وأراد كونه من فاعله ووعد حسن الثواب على فعله وقدر الشر وزجر عنه ولم يرضه ولم يحبه وأراد كونه من مرتكبه غير راض به ولا محب له تعالى ربنا عما يقول الظالمون علوا كبيرا وتقدس أن يأمر بالمعصية أو يحبها ويرضاها وجل أن يقدر العبد على فعل شيء لم يقدره عليه أو يحدث من العبد ما لا يريده ولا يشاؤه.

    ويشهد أن القرآن كتاب الله وكلامه ووحيه وتنزيله غير مخلوق وهو الذي في المصاحف مكتوب وبالألسنة مقروء وفي الصدور محفوظ وبالآذان مسموع قال الله تعالى )وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله( وقال )بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم( وقال )إن الذين يتلون كتاب الله ( وقال ) إن هو إلا ذكر وقرآن مبين(.

    ويشهد أن الإيمان تصديق بالقلب بما أمر الله أن يصدق به وإقرار باللسان بما أمر الله أن يقر به وعمل بالجوارح بما أمر الله أن يعمل به وانزجار عما زجر عنه من كسب قلب وقول لسان وعمل جوارح وأركان.

    ويشهد أن الله سبحانه وتعالى مستو على عرشه استوى عليه كما بينه في كتابه في قوله تعالى )إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش( وقوله )استوى على العرش الرحمن فاسأل به خبيرا( في آيات أخر والرسول (صلى الله عليه وسلم) تسليما ذكره فيما نقل عنه من غير أن يكيف استواءه عليه أو يجعله لفعله وفهمه أو وهمه سبيلا إلى إثبات كيفيته إذ الكيفية عن صفات ربنا منفية, قال إمام المسلمين في عصره أبو عبد الله مالك بن أنس رضي الله عنه في جواب من سأله عن كيفية الاستواء: الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة وأظنك زنديقا أخرجوه من المسجد.

    ويشهد أن الله تعالى موصوف بصفات العلى التي وصف بها نفسه في كتابه وعلى لسان نبيه (صلى الله عليه وسلم) تسليما كثيرا لا ينفي شيئا منها ولا يعتقد شبها له بصفات خلقه بل يقول إن صفاته لا تشبه صفات المربوبين كما لا تشبه ذاته ذوات المحدثين تعالى الله عما يقول المعطلة والمشبهة علوا كبيرا ويسلك في الآيات التي وردت في ذكر صفات البارىء جل جلاله والأخبار التي صحت عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في بابها كآيات مجيء الرب يوم القيامة وإتيان الله في ظلل من الغمام وخلق آدم بيده واستوائه على عرشه وكأخبار نزوله كل ليلة إلى سماء الدنيا والضحك والنجوى ووضع الكنف على من يناجيه يوم القيامة وغيرها مسلك السلف الصالح وأئمة الدين من قبولها وروايتها على وجهها بعد صحة سندها وإيرادها على ظاهرها والتصديق بها والتسليم لها واتقاء اعتقاد التكييف والتشبيه فيها واجتناب ما يؤدي إلى القول بردها وترك قبولها أو تحريفها بتأويل يستنكر ولم ينزل الله به سلطانا ولم يجر به للصحابة والتابعين والسلف الصالحين لسان.

    وينهى في الجملة عن الخوض في الكلام والتعمق فيه وفي الاشتغال بما كره السلف رحمهم الله الاشتغال به ونهوا وزجروا عنه فإن الجدال فيه والتعمق في دقائقه والتخبط في ظلماته كل ذلك يفسد القلب ويسقط منه هيبة الرب جل جلاله ويوقع الشبه الكبيرة فيه ويسلب البركة في الحال ويهدي إلى الباطل والمحال والخصومة في الدين والجدال وكثرة القيل والقال في الرب ذي الجلال الكبير المتعال سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا والحمد لله على ما هدانا من دينه وسنة نبيه صلوات الله وسلامه عليه حمدا كثيرا.

    ويشهد أن القيامة حق و كل ما ورد به الكتاب والأخبار الصحاح من أشراطها وأهوالها وما وعدنا به وأوعدنا به فيها فهو حق نؤمن به ونصدق الله سبحانه ورسوله (صلى الله عليه وسلم) فيما أخبر به عنه كالحوض والميزان والصراط وقراءة الكتب والحساب والسؤال والعرض والوقوف والصدر عن المحشر إلى جنة أو إلى نار مع الشفاعة الموعودة لأهل التوحيد وغير ذلك مما هو مبين في الكتاب ومدون في الكتب الجامعة لصحاح الأخبار.

    ويشهد بذلك كله في الشاهدين ويستعين بالله تبارك وتعالى في الثبات على هذه الشهادات إلى الممات حتى يتوفى عليها في جملة المسلمين المؤمنين الموقنين الموحدين.

    ويشهد أن الله تبارك وتعالى يمن على أوليائه بوجوه ناضرة إلى ربها ناظرة ويرونه عيانا في دار البقاء لا يضارون في رؤيته ولا يمارون ولا يضامون.

    ويسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل وجهه من تلك الوجوه ويقيه كل بلاء وسوء ومكروه ويبلغه كل ما يؤمله من فضله ويرجوه بمنه.

    ويشهد أن خير الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أبو بكر الصديق ثم عمر الفاروق ثم عثمان بن عفان ثم علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين ويترحم على جميع الصحابة ويتولاهم ويستغفر لهم وكذلك ذريته وأزواجه أمهات المؤمنين ويسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعله معهم ويرجو أن يفعله به فإنه قد صح عنده من طرق شتى أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: (المرء مع من أحب).

    ويوصي إلى من يخلفه من ولد وأخ وأهل وقريب وصديق وجميع من يقبل وصيته من المسلمين عامة أن يشهدوا بجميع ما شهد به وأن يتقوا الله حق تقاته وألا يموتوا إلا وهم مسلمون)إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون(.

    ويوصيهم بصلاح ذات البين وصلة الأرحام والإحسان إلى الجيران والأقارب والإخوان ومعرفة حق الأكابر والرحمة على الأصاغر.وينهاهم عن التدابر والتباغض والتقاطع والتحاسد.

    ويأمرهم أن يكونوا إخوانا على الخيرات أعوانا وأن يعتصموا بحبل الله جميعا ولا يتفرقوا ويتبعوا الكتاب والسنة وما كان عليه علماء الأمة وأئمة الملة كمالك بن أنس والشافعي وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة وأحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم ويحيى بن يحيى وغيرهم من أئمة المسلمين وعلماء الدين رضي الله عنهم أجمعين وجمع بيننا وبينهم في ظل طوبى ومستراح العابدين.

    أوصى بهذا كله إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني إلى أولاده وأهله وأصحابه ومختلفة مجالسه.

    وأوصى أنه إذا نزلت به المنية التي لا شك أنها نازلة والله يسأل خير ذلك اليوم الذي تنزل المنية به فيه وخير تلك الليلة التي تنزل به فيه وخير تلك الساعة وخير ما قبلها وخير ما بعدها أن يلبس لباسا طيبا حسنا طاهرا نقيا ويوضع على رأسه العمامة التي كان يشدها في حال حياته وضعا على الهيئة التي كان يضعها على رأسه أيام حياته ويوضع الرداء على عاتقيه ويضجع مستلقيا على قفاه موجها إلى القبلة وتجلس أولاده عند رأسه ويضعوا المصاحف على حجورهم ويقرءوا القرآن جهرا وحرج عليهم ألا يمكنوا امرأة لا قرابة بينه وبينها ولا نسب ولا سبب من طريق الزوجية تقرب من مضجعه تلك الساعة أو تدخل بيتا يكون فيه وكذلك يحرج عليهم أن يأذنوا لأحد من الرجال في الدخول عليه في تلك الساعة بل يأمرون الأخ والأحباب وغيرهم أن يجلسوا في المدرسة ولا يدخلوا الدار وليساعدوا الأصحاب في قراءة القرآن وإمداده بالدعاء فلعل الله سبحانه وتعالى أن يهون عليه سكرات الموت ويسهل له اقتحام عقبة الموت على الإسلام والسنة في سلامة وعافية.

    وأوصى إذا قضى نحبه وأجاب ربه وفارقت روحه جسده أن يشد ذقنه وتغمض عيناه وتمد أعضاؤه ويسجى بثوب ولا يكشف عن وجهه لينظر إليه إلا أن يأتيه غاسله فيحمله إلى مغتسله جعل الله ذلك الحمل مباركا عليه ونظر بعين الرحمة إليه وغفر له ما قدمه من الأعمال السيئة بين يديه.

    وأوصى ألا يناح عليه وأن يمنع أولياؤه وأقرباؤه وأحباؤه وجميع الناس من الرجال والنساء أنفسهم عن الشق والحلق والتخريق للثياب والتمزيق وألا يبكوا عليه إلا بكاء حزن قلب ودموع عين لا يقدرون على ردهما ودفعهما وأما دعاء بويل ورن شيطان وخمش وجوه وحلق شعر ونتفه وتخريق ثوب وتمزيقه وفتقه فلا. وهو بريء ممن فعل شيئا من ذلك كما برىء النبي (صلى الله عليه وسلم) منهم.

    وأوصى أن يعجل تجهيزه وغسله وتكفينه وحمله إلى حفرته ولا يحبس ولا يبطأ به وإن مات ضحوة النهار أو وقت الزوال أو بكرة فإنه لا يؤخر تجهيزه إلى الغد ولا يترك ميتا بين أهله بالليل أصلا بل يعجل أمره فينقل إلى حفرته نقلا بعد أن يغسل وترا ويجعل في آخر غسله من غسلاته كافور ويكفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية إن وجدت فإن لم توجد سحولية كفن في ثلاثة أثواب بيض ليس فيها قميص ولا عمامة ويجمر كفنه وترا لا شفعا قبل أن يلف عليه ويسرع بالسير بجنازته كما أمر به رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ويحمل للصلاة عليه إلى ميدان الحسين ويصلي عليه ولده أبو نصر إن كان حاضرا فإن عجز عن القيام بالصلاة عليه فأمر الصلاة عليه إلى أخيه أبي يعلى ثم يرد إلى المدرسة فيدفن فيها بين يدي والده الشهيد رضي الله تعالى عنه ويلحد له لحد وينصب عليه اللبن نصبا.

    ولا يشق له شق ولا يتخذ له تابوت أصلا ولا يوضع في التابوت للحمل إلى المصلى وليوضع على الجنازة ملفوفا في الكفن مسجى بثوب أبيض ليس فيه إبريسم بحال ولا يطين قبره ولا يجصص ويرش عليه الماء ويوضع عليه الحصا ويمكث عند قبره مقدار ما ينحر جزور ويقسم لحمه حتى يعلم ما يراجع به رسل ربه جل وعلا ويسأل الله تعالى على رأس قبره له التثبيت الموعود لجملة المؤمنين في قوله تعالى )يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة( ويستغفر له ولوالديه ولجميع المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات ولا ينسى بل يذكر بالدعاء فإن المؤمن إذا قبر كان كالغريق المغتوت ينتظر دعوة صالحة تلحقه ولا يمكن أحد من الجواري والنسوان أن يكشفن رءوسهن وأن يندبنه في ذلك الوقت بل يشتغل الكل بالدعاء والاستغفار لعل الله سبحانه وتعالى يهون عليه الأمر في ذلك الوقت وييسر خروج منكر ونكير من قبره على الرضا منه وينصرفان عنه وقد قالا له نم نومة العروس فلا روعة عليك ويفتحان في قبره بابا من الجنة فضلا من الله ومنة فيفوز فوزا عظيما ويحوز ثوابا كريما ويلقى روحا وريحانا وربا كريما رحيما.

    آخر الوصية

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت أبريل 27, 2024 10:52 pm